پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص439

والوجه الثاني : أنه إذا اتصل باليمين المقصودة جرى عليه حكمها ، وصح بمجرد لفظه في الظاهر والباطن .

وحكم هذا الاستثناء أن يخرج من يمينه بعض جملتها ، فلا تنعقد عليه اليمين ، ولا يتعلق به فيها بر ولا حنث ، وهو على أربعة أضرب :

استثناء مكان ، واستثناء زمان ، واستثناء عدد ، واستثناء صفة ، وفي ذكر أحدها بيان لجميعها .

فإذا قال : والله لأضربن زيداً إلا في داري بر إن ضربه في غير داره ، ولم يبر إن ضربه في داره ، وحنث إن لم يضربه في غير داره ، ولا يحنث إن لم يضربه في داره .

ولو قال : والله لا ضربت زيداً إلا في داري ، حنث إن ضربه في غير داره ، ولم يحنث إن ضربه في داره ، وبر إن لم يضربه في غير داره ، ولا يبر إن لم يضربه في داره ، ثم على هذا القياس في نظائره .

وأما الوجه الخامس : في تخصيص العموم بالنية ، فهو أن ينوي بقلبه في عقد يمينه ما يصح أن يذكره بلفظه ، فيحمل فيها على نيته إذا اقترنت بعقد يمينه ، ولا تصح إن تقدمت النية على اليمين أو تأخرت عنها ، وذلك مثل قوله والله لا كلمت زيداً ، وينوي به شهراً ، ولا أكلت خبزاً ، وينوي به ليلاً ، ولا لبست ثوباً ، وينوي به قميصاً ، وقد ذكرنا من نظائره ما أغنى ، فيكون في الأيمان بالله تعالى محمولاً على نيته في الظاهر والباطن ، وفي الأيمان بالطلاق والعتاق محمولاً عليها في الباطن والظاهر ، فهذا أصل في الأيمان لا يخرج أحكامها منه ، فإذا حملت عليه سلمت من الخطأ والزلل ، والله يوفق من استرشده .

وسأتبعه من الفروع بما توضحه من متفق عليه ومختلف فيه .

( فصل : )

فإذا قال : والله لا أكلت الفاكهة ، حنث بجميع أنواعها من ثمار الأشجار كلها ، فيحنث بأكل التفاح والمشمش والكمثري والسفرجل والنبق والتوت والرمان والعنب والرطب .

وقال أبو حنيفة : لا يحنث بالرمان والعنب والرطب ، وإن خالفه أبو يوسف ومحمد وقالا بقولنا احتجاجاً بقوله الله تعالى : ( فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ) ( الرحمن : 68 ) . وقال تعالى : ( فأَنْبَتْنَا فِيهَا حَباً وَعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً وَحَدَائِقَ غُلْباً وَفَاكِهَةً وَأبّاً ) ( عبس : 27 – 31 ) . فجمع بين الفاكهة ، وبين العنب والرطب والرمان في الذكر ، وخير بينها وبينهم في الاسم ، فدل على خروجها من اسم الفاكهة ، كما خرج منها الزيتون ، لتميزه بالاسم .