الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص438
الخنصر ، ولم يحنث بلبسه في الإبهام اعتباراً بالعادة ، وتخصيصاً بالعرف .
وأما العرف الخاص فكقوله : والله لا قتلت ، ولا ضربت ، فأمر بالقتل والضرب ، وحنث به الملوك دون السوقة ، لأن العرف في أفعال الملوك الأمر بها ، وفي أفعال السوقة مباشرتها .
ولو قال : والله لا نسجت ثوباً ، فاستنسجه ، حنث به من لا يحسن النساجة ، ولم يحنث به من يحسنها ، ولو قال : والله لا تصدقت حنث الأغنياء بدفعها ، وحنث الفقراء بأخذها اعتباراً بالعرف من الفريقين .
ولو قال : والله لا طفت ولا سعيت حنث أهل مكة بالطواف بالبيت ، وبالسعي بين الصفا والمروة ، وحنث غيرهم بالسعي على القدم ، والطواف في الأسواق ، وحنث أهل الوشاة بالسعي إلى الولاة .
ولو قال : والله لا ختمت ، حنث القارئ بختم القرآن ، وحنث التاجر بختم كيسه ، لأنه عرف كل واحد منهما .
ولو قال : والله لا ولو قال : والله لا قرأت ، حنث بقراءة القرآن ، ولم يحنث بقراءة الشعر .
ولو قال والله لا تكلمت حنث بجميع الكلام ، وبإنشاد الشعر ، ولم يحنث بقراءة القرآن على مذهب الشافعي ، لخروجه بالإعجاز عن جنس الكلام الذي ليس فيه إعجاز .
وقال أبو حنيفة : يحنث بالقرآن من غير الصلاة ، ولا يحنث به في الصلاة ، وليس لاختلاف الحالين تأثير فيه إن كان من جنس الكلام أو لم يكن ، فلم يكن للفرق بين الحالين وجه .
فهذا حكم المخصوص بالعرف ، فقس عليه نظائره .
وأما الوجه الرابع : في تخصيص العموم بالاستثناء ، فهو القول المخرج من لفظ اليمين بعض ما اشتملت عليه ، وله شرطان :
أحدهما : أن يكون متصلاً بها ، فإن انفصل عنها بطل .
والثاني : أن يخالف حكم اليمين ، فإن كانت على نفي كان الاستثناء إثباتاً ، وإن كانت على إثبات كان الاستثناء نفياً .
واختلف أصحابنا في هذا الاستثناء هل يفتقر إلى اعتقاده في أول اليمين على وجهين :
أحدهما : أن اعتقاده مع أول اليمين شرط في صحته ، وإن لم يعتقده بطل حكمه فيما بينه وبين الله تعالى ، وإن كان حكمه في الظاهر صحيحاً .