الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص437
وحرم ، اعتباراً بالاسم دون الحكم ، فيحنث في اللحم بكل لحم ، وفي الوطء بكل وطء ، ثم على هذا القياس في نظائره .
وأما الوجه الثالث : في تخصيص العموم بالعرف فضربان : عام وخاص .
فأما العرف العام ، فكمن حلف لغيره : لأخدمنك الليل والنهار ، فيخص بالعرف من خدمة النهار زمان الأكل والشرب والطهارة ، والصلاة والاستراحة بحسب ما يخدم فيه من شاق وسهل .
ومن خدمة الليل وقت النوم والمألوف ، فإن ترك الخدمة فيها لم يحنث ، لخروجها بالعرف من عموم يمينه .
وإن ترك الخدمة في غيرها من الأوقات حنث ، لدخولها في عموم يمينه ، ولو حلف لأضربنك الليل والنهار خرج بالعرف من زمان النهار ما ذكرناه من زمان الاستراحة في الخدمة ، فلا يكون بترك الضرب فيها حانثاً ، وخرج بالعرف من بقية الزمان في الضرب خصوصاً في الوقت الذي يكون ألم الضرب فيه باقياً ، فيكون بقاء ألمه كبقاء فعله ، فإن ترك ضربه مع بقاء الألم لم يحنث ، وإن تركه مع زوال الألم حنث ، لأن من دوام فعله أن تتخلله فترات في العرف ، فاعتبر بدوام ألمه الحادث عنه .
ولو قال : والله لا وضعت ردائي عن عاتقي انعقدت يمينه على لزوم لبسه في زمان العرف ، فإن نزعه عن عاتقه في زمان الليل أو دخول الحمام أو عند تبذله لم يحنث لخروجه بالعرف عن زمان لبسه ، وإن نزعه في غيره حنث لدخوله في عرف لبسها .
فلو قال لغريمه : والله لا نزعت ردائي عن عاتقي حتى أقضيك دينك ، حنث بنزعه قبل قضاء دينه في زمان العرف وغيره ، والفرق بينهما أن جعله في الإطلاق مقصوداً في قضاء الدين شرط والعرف معتبر في الأيمان دون الشروط .
ولو قال لغريمه : والله لأخدمنك حتى أقضيك دينك ، لم يحنث بترك الخدمة في زمان الاستراحة ، قبل القضاء ، لأنه جعل الخدمة خبراً ، ولم يجعلها شرطاً ، ثم على قياس هذا في نظائره .
وينساق على هذا الأصل إذا حلف لا يأكل الرؤوس أنه لا يحنث برؤوس غير الغنم ، لخروجها بالعرف من عموم الاسم ، وإذا حلف لا يأكل البيض لم يحنث ببيض السمك والجراد ، وكذلك في نظائره .
ويطرد على هذا القياس إذا حلف لا يلبس هذا القميص ، حنث بلبسه إذا تقمص به ، ولم يحنث بلبسه إذا ارتدى به ، وإذا حلف لا يلبس هذا الخاتم حنث بلبسه في