الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص435
خبيصاً إلا باجتماعها ، ولا يزول اسم كل نوع عنه ، لأنه يقال هذا خبيص فيه عسل وفيه دقيق ، وفيه سمن .
فإن قيل : أفليس لو قال : لا أكلت دقيقاً وأكله خبزاً لم يحنث ؟ فهلا كان في الخبيص كذلك قيل : لوقوع الفرق بينهما بأنهم يقولون : هذا خبيص فيه دقيق ، ولا يقولون : هذا خبز فيه دقيق فصار اسم الدقيق في الخبيص باقياً ، وفي الخبز زائلاً ، فلذلك ما افترقا في حكم الحنث ، فاجعل ذلك قياساً مطرداً في نظائره .
فهذا حكم الضرب الأول فيما كان عام اللفظ عام المراد .
وأما الضرب الثاني : وهو ما كان عام اللفظ خاص المراد ، فهو ما خص عموم لفظه بسبب أوجب خروجه عن عمومه ، كما خص عموم الكتاب والسنة .
وتخصيص اللفظ العام في الأيمان يكون من خمسة أوجه :
أحدها : تخصيص عمومه بالمعقول .
والثاني : بالشرع .
والثالث : بالعرف .
والرابع : بالاستثناء .
والخامس : بالنية .
فأما الوجه الأول : في تخصيص عمومه بالمعقول ، فهو ما امتنع استيفاء عمومه في العقل كقوله : والله لآكلن الخبز ، ولأشربن الماء ، ولأكلمن الناس ، ولأتصدقن على المساكين ، لما امتنع في العقل أن يأكل كل الخبز ، ويشرب كل الماء ، ويكلم جميع الناس ، ويتصدق على جميع المساكين ، خص العقل عموم الجنس ، فتعلق البر والحنث بأكل بعض الخبز ، وشرب بعض الماء ، وكلام بعض الناس ، والتصدق على بعض المساكين .
ثم هذه الأجناس ضربان : معدود وغير معدود .
فأما غير المعدود فكالخبز والماء ، فيتعلق البر والحنث بقليل الجنس وكثيرة ، فأي قدر أكله من الخبز ، وأي قدر شربه من الماء بر به في الإثبات ، وحنث به في النفي ، لأنه لما سقط بالمعقول حكم العموم ، ولم يتقدر بعضه بعرف ، ولا معقول روعي فيه ما انطلق عليه الاسم .
وأما المعدود فكالناس والمساكين ، فإن كان يمينه على إثبات كقوله : لأكلمن الناس ولأتصدقن على المساكين ، لم يبر حتى يكلم من الناس ثلاثة ، ويتصدق على ثلاثة من المساكين ، اعتباراً بأقل الجمع ، وإن كانت يمينه على نفي كقوله : لا كلمت