پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص432

مس الزوجة على وطئها وملامستها ، وسواء كانت يمينه بالله أو بطلاق وعتاق .

والقسم الرابع : أن يريد به غير حقيقته ومجازه ، كمن أراد بالسراج غير المصباح والشمس ، وأراد بالبساط غير الفرش والأرض ، فلا يحمل على ما أراد غير الحقيقة والمجاز ، لخروجه عن مقتضى لفظه من صريح وكناية ، كمن أراد الطلاق بما ليس بصريح ولا كناية ، ولا يحمل على المجاز ، لتجرده عن نية كالطلاق بالكناية إذا لم يقترن بنية .

فأما حمله على الحقيقة ، فإن كانت يمينه بطلاق أو عتاق ، حملت على الحقيقة في الظاهر لا من الباطن ، وكانت لغواً لا يتعلق بها بر ولا حنث .

وقال مالك ومحمد بن الحسن : أحمل يمينه على إرادته وإن خرج عن الحقيقة والمجاز إذا اقترن لها ضرب من الاحتمال .

وقال مالك فيمن قال لغيره : والله لا شربت لك ماء من عطش : حنث بأكل طعامه ولبس ثوبه وركوب دابته ودخول داره .

وقال محمد بن الحسن فيمن قال لغريمه : والله لأجرنك على الشوك ، حنث بمطله وتأخير دينه اعتباراً بمخرج الكلام ومقصوده ، وهذا فاسد ، لأن ما خرج عن الحقيقة والمجاز صار مختصاً بمجرد النية ، والنية لا تتعلق بها يمين ، كما لو نوى يميناً ، فليست بيمين .

والقسم الخامس : أن تتجرد يمينه عن نية وإرادة ، فيحمل في البر والحنث على الحقيقة دون المجاز ، لأن افتقار المجاز إلى النية يسقط حكمه إذا تجرد عن نية مثل كنايات الطلاق إذا لم تقترن بها نية .

فإن اختلف الشرع واللغة في حقيقته ومجازه ، كالنكاح هو في الشرع حقيقة في العقد ، ومجاز في الوطئ ، وهو في اللغة حقيقة في الواطئ ومجازاً في العقد ، كالصلاة هي الشرع حقيقة في الدعاء في ذاته الركوع والسجود ومجازا في الدعاء وهي في اللغة حقيقة في الدعاء مجاز في غيره ، وكذلك الزكاة والصيام والحج ، فيحمل على حقيقته في الشرع دون اللغة ، لأن الشرع ناقل ، فيحمل النكاح على العقد دون الواطئ ، وتحمل الصلاة على ذات الركوع والسجود دون الدعاء .

فقد ترتب على هذا الأصل ما قدمناه فيمن حلف لا يأكل الدقيق ، فأكل الخبز لم يحنث ، ولو حلف لا يشم البنفسج فشم دهن البنفسج لم يحنث ، ولو حلف لا يشرب عبده ، فعضه لم يحنث حملاً له على الحقيقة دون المجاز ، وحنثه أبو حنيفة بالأمرين استعمالاً للحقيقة والمجاز .