الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص425
وأما وجه افتراقهما ، فأحدهما في الاسم ، لأنه لا ينطلق اسم أحدهما على الآخر .
والثاني : في صفته من لون وطعم حتى ماء اللحم أحمر كثيف الجسم ذو طعم ، والشحم أبيض رخو الجسم ذو طعم آخر ، فيحملان في الأيمان على حكم الافتراق .
فإذا حلف لا يأكل لحماً لم يحنث بأكل الشحم ، وإذا حلف لا يأكل شحماً لم يحنث بأكل اللحم . وقال بعض الفقهاء أحسبه مالكاً : إذا حلف لا يأكل اللحم حنث بأكل الشحم ، وإذا حلف لا يأكل الشحم لم يحنث بأكل اللحم ، فجمع بينهما في اسم اللحم ، وفرق بينهما في اسم الشحم ، فافترقا ، احتجاجاً بأمرين :
أحدهما : أن الله أطلق اسم الشحم على اللحم في قوله : ( أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ ) ( الأنعام : 145 ) ولم يطلق اسم الشحم على اللحم .
والثاني : أن الشحم فرع اللحم ، لحدوثه عنه ، وليس اللحم فرعاً للشحم ، لحدوثه عن غيره وهذا فاسد من وجهين ، يبطل بهما استدلاله :
أحدهما : أن افتراقهما في الاسم لا يوجب افتراقهما في الحكم .
والثاني : أن الاسم إذا كان له حقيقة ومجاز حمل على حقيقته دون مجازه .
فأما الآية ، فلأن أحكام الشرع تحمل على الأسماء والمعاني ، والأيمان تحمل على الأسماء دون المعاني .
وأما اللحم فهو جميع ما اختص بكونه في بدن الحيوان مركب على عظمه ، وتغطى بجلده ، فهو لحم يحنث به الحالف لا يأكل لحماً ، سواء كان من مقدم البدن أو من مؤخره أو جنبه أو ظهره . والبياض الذي على الجنب والظهر والزور لم يحنث به إذا حلف لا يأكل لحماً ، ولا يحنث به إذا حلف لا يأكل شحماً ، وبه قال أبو حنيفة .
وقال أبو يوسف ومحمد : هو شحمٌ يحنث به إذا حلف لا يأكل شحماً ، ولا يحنث به الحالف إذا حلف لا يأكل لحماً ، وقال بن شاذ من أصحابنا استدلالاً بقول الله تعالى : ( وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا ) ( الأنعام : 106 ) فدل على دخوله في الاسم ، واستثنائه في الحكم ، ولأنه بصفة الشحم أشبه منه بصفة اللحم .
والدليل على أنه من اللحم أن الله تعالى استثناه من حكم الشحم ، فدل على