پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص424

حكمها بالرائحة ، وهي فرع مع عدم الجسم ، وهو أصل .

فعلى هذا لو شم البنفسج بعد انتقال رائحته إلى الدهن حنث به عندنا ، ولم يحنث به عند أبي حنيفة ، وما قلناه أولى ، لأنه لا يعدم بقايا رائحته من بقايا شمه .

ولو شم عصارة الورد بعد استخراج مائه لم يحنث به ، لأن اسم الورد قد زال عنه ، وماؤه قد خرج منه ، فخالف بهذين حال البنفسج بعد التربية ، وكان ورق الورد بعد التربية كالبنفسج بعد التربية في وقوع الحنث بهما ، ما كانت رطوبتهما باقية . فإن يبسا كان في الحنث بهما بعد يبسهما وجهان :

أحدهما : لا يحنث ، كمن حلف لا يأكل رطباً ، فأكل تمراً .

والوجه الثاني : يحنث لبقاء اسمه وجسمه . وخالف أكل التمر عن الرطب ، لزوال اسم الرطب عنه ، وبقاء اسم الورد ، والبنفسج على ما يبس منه . ولتعليل هذين الوجهين :

كان من حنث من حلف لا يأكل هذا الرطب ، فأكله تمراً على وجهين :

( فصل : )

وإذا حلف لا يشم الورد والبنفسج ، فمر بهما في السوق ، فشم رائحتهما ، فإن حمل النسيم الرائحة حتى شمها لم يحنث .

وإن اجتذب الرائحة بخياشيمه حتى شمها حنث ، لأن شمها بهبوب النسيم ليس من فعله ، وشمها باجتذاب خياشيمه من فعله .

فإن قيل : أفليس لو مر المحرم بسوق العطارين ، فشم رائحة الطيب لا تلزمه الفدية في الحالين ؟ فهلا كان الحالف كذلك .

قيل : لأن الشرع منع المحرم من استعمال الطيب ، دون الرائحة ، واليمين منعت هذا من شم الرائحة ، فافترقا والله أعلم .

( مسألة : )

قال الشافعي : ‘ ولو حلف لا يأكل لحماً فأكل شحماً ولا شحماً فأكل لحماً ‘ .

قال الماوردي : أما اللحم والشحم ، فيجتمعان من وجهين ، ويفترقان من وجهين . فأما وجه اجتماعهما :

فأحدهما : أن الحيوان الواحد يجمعهما في التزكية والاستباحة .

والثاني : أن الشحم حادث عن اللحم ، وإن لم يكن اللحم حادثاً عن الشحم ، فالشحم ما حوله اللحم ، واللحم ما تركب على العظم .