الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص423
أحدهما : أنه لما اعتبر في الحنطة بقاء الاسم دون العرف وفاقاً ، وجب أن يعتبر مثله في الدقيق حجاجاً .
والثاني : أنه لما اعتبرت فيه الصفة كان اعتبار صفته وقت العقد أولى من اعتبار صفة تحدث من بعده .
أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة : لا يحنث ، لانتقاله عن صفته كالطعام إذا طحن والدقيق إذا خبز .
والوجه الثاني : يحنث ، وفرق قائله بين هذا ، وبين طحن الطعام وخبز الدقيق ، بأن انتقال هذا عن حاله حادث من ذاته ، فصار بعد الانتقال منسوباً إلى أصله .
وانتقال الطعام بالطحن والدقيق بالخبز حادث عن صنعة فاعلٍ ، فصار بالانتقال منسوباً إلى فاعله دون أصله .
وتعليل هذا الفرق معلول بمن حلف لا يأكله حنطة ، فصارت زرعاً ، ولا يأكل بيضة ، فصارت فرخاً ، فإنه لا يحنث بوفاق وإن كان انتقال ذات .
ولو حلف لا يلبس هذا الغزل ، فنسجه ثوباً حنث بلبسه وجهاً واحداً ، لأن الغزل لما كان لا يلبس إلا منسوجاً صار مضمراً في اليمين ، والمضمر في الأيمان ، كالمظهر ، كما لو حلف لا يأكل هذا الحيوان حنث بأكله مذبوحاً ، وإن لم يكن عند أكله حيواناً ، لأنها صفة مضمرة ، فجرى عليها حكم المظهرة ، والله أعلم .
وقال أبو حنيفة : يحنث بدهن البنفسج ، ولا يحنث بدهن الورد ، وماء الورد ، فرق بينهما بعرف أهل الكوفة ، أنهم يسمون دهن البنفسج بنفسجاً ، ولا يسمون دهن الورد ورداً ، وهذا فاسد من وجهين :
أحدهما : أنها تسمية مجاز ، فكان اعتبارها بالحقيقة أولى .
والثاني : أن اسم الورد والبنفسج منطلق على جسم ورائحة ، فلم يجز أن يتعلق