الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص420
وهكذا لو حلف لا يأكل عسلاً ولا دبساً ، كان كالسمن ، لأنها يجمدان تارة ، ويذوبان أخرى ، ويؤكلان منفردين ومختلطين ، فيكون على ما قدمناه من الجواب .
فإما إذا حلف لا يأكل خلاً ، فالخل ذائب ، وقل أن يجمد .
وإن أكل مع غيره من خبز أو في سكباجٍ فإن صار مستهلكاً فيه لم يحنث ، وإن كان ظاهراً فيه حنث .
وكذلك إذا حلف لا يأكل لبناً ، فأكله بغيره أو طبخه مع غيره ، فإن حلف لا يشرب لبناً فخلطه بغيره ، فإن كان ما خلطه به جامداً لم يحنث ، لأنه يصير آكلاً ، ولا يكون شارباً ، وإن خلطه بمائع ، فإن كان اللبن أغلب ، لظهور لونه وطعمه حنث بشربه ، وإن كان مغلوباً لخفاء ولونه وطعمه لم يحنث .
قال الماوردي : أما إذا حلف : لا يأكل هذه التمرة ، فأكلها إلا نواها وقمعها حنث ، لأنه أكل مأكولها ، وألقى غير مأكولها ، فانصرفت اليمين في الأكل إلى المأكول منها ، ولم تنصرف إلى غير المأكول . ولو أكلها إلا يسيراً منها كنقرة طائر لم يحنث .
وقال مالك : يحنث .
وهكذا لو حلف لا يأكل هذا الرغيف ، فأكله إلا لقمة منه لم يحنث .
وقال مالك : يحنث إذا أكل أكثره ، اعتباراً بالأغلب .
وهذا خطأ ، لأن شرط الحنث إذا لم يكمل ارتفع به الحنث في الحالين .
فأما إذا وقعت التمرة التي حلف عليها أن لا يأكلها في تمر اختلطت به ، فإن أكل جميع التمر حنث ، لإحاطة علمنا بأنه قد أكلها مع غيرها .
وقد وافق على هذا أبو سعيد الإصطخري ، وإن خالف في السمن ، وهو حجة تعيده إلى الوفاق .
وإن أكل جميع التمر إلا تمرة ، أو هلك من جميع التمر تمرة ، لم تخل من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يعلم أنه قد أكل تلك التمرة ، فيحنث .