الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص411
قال الماوردي : اعلم أنه لا يخلو حال إذا حلف لا يأكل الرؤوس . من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يريد عموم الرؤوس كلها مما انطلق اسم الرأس عليه فيحنث بأكل كل ما سمي رأساً مما يفصل من أبدانها ، كرؤوس الغنم أو لا يفصل كرؤوس الطير ، والحيتان ، اعتباراً بمراده فيما انطلق عليه حقيقة الاسم .
والقسم الثاني : أن يريد تخصيص نوع من الرؤوس بعينها دون ما عداها ، فيحنث بأكلها وحدها ، سواء انفصل في العرف أو لم ينفصل . ولا يحنث بأكل ما عداها ، اعتباراً بمراده في التخصيص .
والقسم الثالث : أن يطلق اسم الرؤوس ، ولا تكون له إرادة في عموم ، ولا تخصيص ، فلا خلاف بين الفقهاء أنه لا يحمل على العموم في ما انطلق اسم الرأس عليه ، فلا يحنث بأكل رؤوس الطير . والحيتان والجراد ، وإن اتفق عليها حقيقة اسم الرؤوس بخروجه عن العرف ، فصارت الحقيقة مخصوصة بالعرف ، كما خصت الأرض فيمن حلف لا يقعد على بساط بالعرف ، وكما خصت الشمس فيمن حلف لا يقعد في سراج بالعرف . وإذا كان الحنث معتبراً فيها بالعرف دون الحقيقة ، فقد اختلف الفقهاء فيما يحنث به من أكل الرؤوس عند إطلاقها .
فذهب الشافعي رضي الله عنه إلى أنه يحنث بأكل رؤوس النعم من الإبل والبقر ، والغنم ، ولا يحنث بغيرها من رؤوس الطير والحيتان ، وهو عرف الحجاز ، لأنهم يفصلون رؤوس هذه الثلاثة من أجسادها ، ويفردون بيعها في أسواقها .