الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص409
والثالث : أنه مشتق من السراء ، وهو الظهر ، لأنها كالظهر المركوب .
والرابع : أنه مشتق من السرر وهو الجماع ، لأنها معدة لجماعه .
والخامس : أنه مشتق من الستر ، لأنه قد سترها بالخدر بعد البذلة ، وستر جماعها بالإخفاء .
وأما عرف الاستعمال في التسري ، فهو طلب الولد منها ، وذلك يكون بالإنزال والجماع ، وقد نص عليه الشافعي في الأمر في اللعان ، وهو الظاهر من مذهبه ، أنه يصير متسرياً بها إذا جامع وأنزل ، ولا يصير متسرياً إذا جامع ولم ينزل ، وبه قال أبو يوسف .
وقال أبو حنيفة : يكون متسرياً إذا جامع ولم ينزل ، وخرجه أبو العباس بن سريج وجهاً ثانياً ، والأول أصح ، تغليباً لعرف الاستعمال على عرف اللغة ، لأن عرف الاستعمال ناقل .
واختلف في تخديرها عن أبصار الناس ، هل يكون شرطاً في كمال السراء على وجهين :
أحدهما : أنه شرط فيه ، لأن عرف الاستعمال واللغة جاريان به ، فعلى هذا لا يعتق بالجماع وحده ، حتى يخدرها ويسترها .
والوجه الثاني : أنه ليس بشرط فيه ، لأن عرف الشرع لا يوجب تخدير الأمة ، فصار عرف الاستعمال مخصوصاً به ، فعلى هذا يعتق بالجماع وحده ، وإن لم يخدرها .
فأما جماعها دون الفرج ، فلا يصير به متسرياً وجهاً واحداً ، ووافق عليه أبو حنيفة ، وليس على مذهب مالك أن يكون به متسرياً .
فإن مات أحدهما أو باعه قبل غد ، وجاء غد وأحدهما باقٍ على ملكه لم يعتق عليه ، لأن العتق لم يتعين منه .
وقال محمد بن الحسن : يعتق عليه ، لأن التخيير ارتفع بعدم غيره ، فتعين العتق فيه .
وهذا خطأ ، لأن ما أبهم باللفظ لم يتعين بالحكم .
ألا تراه لو قال لعبده ، وعبد غيره : أحدهما حر ، لم يتعين العتق في عبده ؟ وعلى قياس هذا لو قال لزوجته وأجنبية : إحداكما طالق ، لم يتعين الطلاق في زوجته .