پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص406

غرر ، فكان إسقاطه أولى بالصحة ، وسماه بيع الخيار لما شرط فيه من إسقاط الخيار وتأول قول النبي ( ص ) : ‘ المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار ‘ على هذا البيع المشروط فيه إسقاط الخيار ، وحمل قول الشافعي ‘ فباعه بيعاً ليس بيع خيار ‘ على هذا البيع ، لأن فحوى كلامه يقتضي إذا كان بيع خيار أنه لا يعتق عليه ، فيكون البيع ماضياً والخيار مرتفعاً ، ولا يعتق العبد عليه لسقوط الخيار فيه .

والوجه الثاني : أن البيع والشرط باطلان ، لأن الشرط مناف لموجب العقد ، فأبطله ، ولا يعتق عليه مع بطلان البيع .

ويكون قول الشافعي : ‘ فباعه بيعاً ليس فيه خيار ‘ محمولاً على أن ليس فيه خيار .

والثالث : وقد صرح به البويطي في كتابه ، ومراده به الرد على مالك وأبي حنيفة في إسقاطها خيار المجلس .

ولا يجوز أن يطلق اسم بيع الخيار على ما ليس فيه خيار ، كما تأوله الأول .

والوجه الثالث : أن الشرط باطل ، والبيع جائز ولهما خيار المجلس ، وإنما بطل شرط الخيار ، لإسقاطه قبل استحقاقه ، فجرى مجرى إسقاط الشفعة قبل استحقاقها بالبيع ، وصح البيع مع إسقاط الشرط ، لأنه لم يأخذ من الثمن قسطاً ، فعلى هذا يعتق عليه العبد لثبوت الخيار فيه ، ثم يبطل البيع بعد الصحة بعتقه .

( فصل : )

وإذا قال لعبده : إن وهبتك فأنت حر عتق بالبذل والقبول .

وقال أبو العباس بن سريج : يعتق بالبذل وحده ، وبه قال أبو حنيفة ، لأن البذل أول العقد ، وهذا فاسد بالبيع لأنه لا يعتق فيه بالبذل ، حتى يتعقبه القبول ، لأن مجرد البذل لا يكون عقداً فيها ، وكذلك إذا علق عتقه بالرهن والإجارة .

( فصل : )

ولو قال لعبده : إن استخدمتك ، فأنت حر ، فخدمه العبد بغير أمره لم يعتق . وقال أبو حنيفة : يعتق عليه ، ووافق على انه لو حلف لا يستخدم عبد غيره ، فخدمه بغير أمره أن لا يحنث ، وفرق بينهما بأن عبد غيره ليس بمندوب لخدمته ، فلم يحنث إلا باستخدامه ، وعبده مندوب لخدمته ، فكان إمساكه عنه رضاً ، والرضا منه استخدام ، وهذا فاسد من وجهين :

أحدهما : أن الاستخدام هو استدعاء الخدمة ، فافتقر إلى أمر .

والثاني : أن فرق ما بين الخدمة والاستخدام كفرق ما بين العمل والاستعمال ، فلما لم ينطلق على العلم اسم الاستعمال لم ينطلق على الخدمة اسم الاستخدام .