پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص399

( فصل : )

فإذا ثبت أن العلم ليس بشرط في صحة الإذن ، فقد قال الشافعي رضي الله عنه : ولو أذن لها وأشهد على نفسه لم يحنث ، وليس إشهاده على الإذن شرطاً فيه ، وإنما هي حجة له إن ادعاه ؛ ليرفع به الطلاق إذا أنكرته الزوجة ، ليقع عليها الطلاق .

وإنما الشرط في صحة الإذن أن يكون مسموعاً منه ، فإن لم يذكره لمستمع لم يصح ، لأنه يصير من حديث النفس الذي لا يصح به الإذن .

ثم قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وأحب له في الورع أن يحنث نفسه ‘ ، وإنما اختار له ذلك ، لأنه مخرج مختلف في استباحته ، فاختار له أن تكون الاستباحة ومتفقاً عليها ، وأمره بالتزام الحنث ، ولم يرد بالتزام الحنث التزام الطلاق ، لأنه إن التزم الطلاق لم تصر زوجته مستبيحة الإزواج باتفاق ، وإنما أمره بما تكون الاستباحة في الجهتين باتفاق يقع . وإذا كان كذلك لم يخل أن يكون الطلاق رجعياً أو ثلاثاً . فإن كان رجعياً ، فيختار له في الورع إن أراد المقام معها أن يرتجعها ، لأن الطلاق إن وقع استباحها بالرجعة ، وإن لم يقع لم تضره الرجعة .

وإن لم يرد المقام معها قال لها : إن لم يكن الطلاق قد وقع عليك ، فأنت طالق واحدة ، حتى لا يلزمه أكثر من واحدة في الحالين .

فإن لم يقل هكذا ، وقال : أنت طالق ، واحدة لزمته الواحدة ، وكانت الثانية على اختلاف . وإن لم يقل أحد هذين كان النكاح لازماً ، وهي ممنوعة من الإزواج ، ويؤخذ بنفقتها والورع أن يمتنع من إصابتها .

وإن كان الطلاق ثلاثاً ، فليس من الورع الإقامة عليها ، والورع أن يفارقها بأن يقول لها : أنت طالق ثلاثاً .

وليس يحتاج أن يقول لها : أنت طالق ثلاثاً إن لم يكن الطلاق قد وقع عليك ، لأن طلاق الحنث إن وقع لم يقع طلاق المباشرة ، وخالف طلاق الرجعة ، لأنه إن لم يقع طلاق الحنث وقع طلاق المباشرة .

فإن لم يقل هذا في الطلاق الثلاث ، كان ملتزماً لنكاحها ، وهي ممنوعة من الإزواج ، ويؤخذ بنفقتها ، والورع له أن يمتنع من إصابتها ، فإن لم يمتنع ، وأصابها في الطلاقين فلا حرج عليه ، ولا مأثم ، لما حكم به من بره في يمينه .