الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص398
بإباحته ، جرى على المال المبتدئ حكم الإباحة اعتباراً بالمبيح ، ولم يجر عليه الحظر اعتباراً بالمستبيح .
كذلك حكم هذه الخروج .
وتحريره : أنها استباحة بعد إباحة ، فلم يكن فقد العلم بها مؤثراً في حكمها كالمال .
والرابع : أنها لا تعلم بإذنه ، لبعدها تارة ، ولنومها أخرى ، وقد وافقوا أنه لو أذن لها ، وهي نائمة ، فخرجت غير عالمة بإذنه لم يحنث ، كذلك إذا أذن لها ، وهي بعيدة ، فلم تعلم بإذنه حتى خرجت وجب أن لا يحنث .
وتحريره : أنها يمين تعلق البر فيها بالإذن ، فوجب أن لا يكون عدم العلم به موجباً للحنث ، كالنائمة والناسية .
وأما الجواب عن استدلالهم الأول ، بأن الإذن يتضمن الإعلام استشهاداً بما ذكروه ، فمن وجهين :
أحدهما : أن الإعلام هو الإيذان دون الإذن ، وفرق بين الإذن والإيذان .
والثاني : أن الإذن لو اقتضى الإعلام ، لاختص به الإذن دون غيره ، وهو لا يختص به ، فلم يكن من شرط إذنه .
وأما الجواب عن استدلالهم الثاني في النسخ ، فهو أن في اعتبار العلم به وجهين :
أحدهما : أن النسخ يلزم مع عدم العلم به كالإذن ، فلم يكن فيه دليل .
والثاني : أنه لا يلزم إلا بعد العلم به ، كأهل قباء حين استداروا في صلاتهم ، وبنوا على ما تقدم قبل علمهم بنسخ بيت المقدس بالكعبة .
فعلى هذا أن الفرق بينهما أن النسخ مختص بالتعبد الشرعي ، فلم يلزم إلا بعد العلم به ، لوجوب إبلاغه ، والإذن رافع للمنع ، فصار مرتفعاً قبل العلم به .
وأما الجواب عن استدلالهم الثالث بأن اشتراط الإذن يقتضي خروجاً تكون فيه مطيعة ، فهو انتقاضه بخروجها إن كانت ناسية لإذنه ، أو كانت نائمة عند إذنه هي قاصدة لمعصيته ، ولا يحنث به .
وأما الجواب عن استدلالهم الرابع بالمتكلم ، فهو فساد الجمع بينهما ، لأن المعتبر في كلام الغير الاستماع دون الإعلام والسماع ، وهم يعتبرون في الإذن الإعلام دون السماع والاستماع ، ففسد الجمع بينهما مع اختلاف مقصودهما .