الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص397
أي : أعلمتنا ، فإذا ثبت بالشرع واللغة أن الإذن يتضمن الإعلام صار شرطاً فيه ، فإن عدم لم يكمل الإذن ، فلم يقع به البر .
والثاني : أن الإذن أمر يخالف ما بعده حكم ما قبله ، فجرى مجرى النسخ ، ثم ثبت أن العلم بالنسخ شرط في لزومه كذلك العلم ، بالإذن شرط في صحته .
والثالث : أنه ألزمها بخروجه عن إذنه أن تكون مطيعة في الخروج ، فإذا لم تعلم بالإذن صارت عاصية بالخروج ، فلم يكن هو الخروج المأذون فيه ، فوجب أن يحنث به ، ويصير عدم علمها بالإذن جارياً مجرى عدم الإذن ، لوجود المعصية فيهما ، كمن باع ما لا يعلم أنه مالك له ، ثم علم أنه قد كان مالكاً له ، كان بيعه باطلاً ، وجرى عدم علمه بالملك مجرى عدم الملك .
والرابع : أن الإذن يفتقر إلى آذن ومأذون له ، كالكلام الذي يفتقر إلى قائل ومستمع ، فلما كان المنفرد بالكلام يسلبه حكم الكلام ، وجب أن يكون المنفرد بلاإذن يسلبه حكم الإذن .
ودليلنا أربعة معان :
أحدها : أن الأذن يختص بالآذان ، والعلم به مختص بالمأذون لها ، وشرط يمينه إنما كان معقوداً على ما يختص به من الإذن دون ما يختص بها من العلم . ألا ترى أن اسم الإذن ينطلق على إذنه دون علمها ، فوجب أن يكون تفرده بالإذن موجباً لوجود الشرط ، فلا يقع به الحنث ، كما لو قال : إن قمت ، فأنت طالق ، طلقت بقيامه ، وإن لم تعلم .
والثاني : أنه لو كان العلم شرطاً في الإذن لكان وجوده من الحالف شرطاً فيه ، كما كان وجود الإذن منه شرطاً فيه ، فلما ثبت أنها لو علمت به من غيره صح ، ولو أذن لها غيره لم يصح ، دل على خروجه من حقوق الإذن ، وصح بمجرد القول .
والثالث : أنه قد حظر الخروج عليها باليمين ، وأباحها الخروج بالإذن ، فصار عقدها جامعاً بين حظر وإباحة ، والاستباحة إذا صادفت إباحة لم يعلم بها المستبيح جرى عليها حكم الإباحة دون الحظر ، كمن استباح مال رجل قد أباح له ، وهو لا يعلم