الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص396
حتى يأذن معه الحالف ، فإن أذن الغير ، ولم يأذن الحالف حنث .
والضرب الثاني : أن يقول : ائذن لها عني ، فقد صار في الإذن نائباً عن الحالف ، فيحتاج الغير أن يأذن لها إذنين :
أحدهما : عن نفسه .
والثاني : عن الحالف .
فإذا جمع بين الإذنين بر الحالف ، وإن اقتصر على أحدهما حنث .
والضرب الثالث : أن يطلق إذنه للغير ، فيسأل عنه الحالف . فإن أراد به أحد الأمرين عمل عليه ، وكان حكمه على ما قدمناه من الضربين ، فإن فات سؤال الحالف عنه الغيبة طالت نظر حال ذلك الغير مع الحالف .
فإن كان ممن جرت عادته أن يأمره وينهاه ، صار هذا الإذن له أمراً ، فيكون إذناً ، عن الحالف ، فيصير كالضرب الثاني .
وإن لم تجر عادته بأمره ونهيه صار مثل هذا الإذن طلباً ، فيكون إذناً عن الغير ، فيصير كالضرب الأول اعتباراً بالعرف والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح . إذا حلف بطلاقها أن لا تخرج إلا بإذنه ، وأذن لها ولم تعلم بالإذن حتى خرجت لم يحنث ، ولا يكون علمها بالإذن شرطاً في البر . هذا مذهب الشافعي ، وبه قال أبو يوسف .
وقال مالك وأبو حنيفة ومحمد : يحنث ، ويكون علمها بالإذن شرطاً في البر ، استدلالاً بأربعة معان :
أحدها : أن الإذن تضمن الإعلام ، لقوله تعالى : ( وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ ) ( الحج : 27 ) أي : أعلمهم بفرضه ، وقول النبي ( ص ) لفاطمة بنت قيس : ‘ إذا حللت ، فآذنيني ‘ ، أي : أعلميني . وقول الشاعر :