الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص394
والدليل على فساد هذه الطريقة من وجهين :
أحدهما : لما كان عقد اليمين بلفظ الغاية يوجب استواء البر والحنث في سقوط التكرار ، وكان عقدها بقوله : ‘ كلما ‘ يوجب استواء البر والحنث في وجوب التكرار ، وجب أن يكون عقدها بما اختلفا فيه من قوله : إن خرجت إلا بإذني ، ملحقاً بأحدهما في استواء البر والحنث في وجوب التكرار وسقوطه ، فلما سقط التكرار في الحنث وجب أن يسقط التكرار في البر .
وتحريره قياساً : أن كل يمين اشتملت على منع وتمكين وجب أن يكون البر فيها مقابلاً للحنث في وجوب التكرار وسقوطه كالمعقود بلفظ الغاية في سقوط التكرار ، وكالمعقودة ب ‘ كلما ‘ في وجوب التكرار .
والثاني : أن البر والحنث في الأيمان معتبران بالعقد ، فإن أوجب تكرار المنع والتمكين أوجب تكرار البر والحنث ، وإن لم يوجب تكرارهما لم يتكرر البر والحنث . ولفظ التكرار معدوم في قوله : إن خرجت إلا بإذني ، فانعقد على مرة ، وموجود في قوله : كلما خرجت بغير إذني ، فانعقد على كل مرة .
ألا تراه لو قال لها : إن خرجت بإذني ، فأنت طالق ، انعقدت على مرة ، ولو قال : كلما خرجت بإذني فأنت طالق ، انعقدت على مرة ، ولو قال : كلما خرجت بإذني انعقدت على التكرار وما انعقدت عليه اليمين سواء في البر والحنث في التكرار والانفراد ، لأن عقدها إن قابلت مقتضاها كان حكمها مقصوراً عليه .
وتحريره قياساً : أن ما انعقدت عليه اليمين وجب أن يستوي فيه البر والحنث قياساً على تعليق الطلاق بالإذن ، تسوية بين الإثبات والنفي .
فأما الجواب عن استدلالهم بقوله : إن خرجت إلا راكبة ، فهو أن هذا تعليق طلاق بصفة ، وهي خروجها ماشية ، فوقع بوجود الصفة ، وليست يميناً توجب منعاً ، وتمكيناً ، فافترقا .
وأما الجواب عن اجتماعهم بامتداد البر في المقام إلى الموت ، وتوقيت الحنث بالخروج ، فهو أن المقام في منزلها ترك مطلق ، فحمل على التأبيد في البر ، والخروج فعل مقيد بوقته ، فتقدر به البر والحنث ، فوجب أن يكون البر فيه مساوياً للحنث .