پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص389

لا يبقى عليّ غداً من حقك شيءٌ فيبر ‘ .

قال الماوردي : ولسقوط الحق عنه بغير أداء حالتان :

إحداهما : هبة تتوجه إلى الأعيان .

والثاني : إبراء يتوجه إلى الذمة ، فأما الهبة فهي تمليك محضٌ لا يتم إلا بالقبول بعد البدل والقبض بعد العقد ، فإذا حلف ليقضينه حقه في غدٍ أو ليدفعن إليه حقه في غدٍ فوهبه صاحب الحق له حنث الحالف ، لأن الحق سقط بغير دفع ، وقد اختار التملك فصار مختاراً للحنث ، فحنث ولو كان الحق في الذمة فأبرأه منه ، فإن قيل : إن الإبراء تمليك يقف على القبول حنث كالهبة وإن قيل : إنه إسقاط لا يفتقر إلى القبول ففي حنثه قولان ، كالمغلوب على الحنث ، ولكن لو قال : والله لا فارقتك ولي عليك حق ، فوهبه له أو أبرأه منه بر في يمينه ، لأنه لم يبق له بعد الهبة ، والإبراء حقٌ .

ولو كان له عنده وديعة ففارقه قبل استرجاعها نظر مخرج يمينه ، فإن قال : لا أفارقك ولي عليك حقٌّ بر مع بقاء الوديعة ، لأنه ليست عليه ، وإن قال : لا أفارقك ولي عندك حق حنث ببقاء الوديعة ، لأنها حق له عنده .

ولو كان له عنده عارية حنث في الحالين سواء قال : عليه أو عنده ، لأن عليه ضمانها وعنده عينها .

( فصل : )

ولو حلف لا بعت لزيد متاعاً فوكل زيد في بيع متاعه فباعه الحالف لم يحنث ، وعلى مذهب مالك يحنث ، وليس بصحيح ، لأنه أضاف المتاع إلى زيد بلام التمليك ، فصارت يمين مقصورة على ملك زيد ، وهذا المتاع ملك لغير زيد ، ولو قال : والله لا بعت متاعاً في يد زيد فوكل زيد في بيع متاعه فباعه الحالف نظر في توكيل زيد فإن وكل أن يبيعه كيف رأى بنفسه أو بغيره حنث الحالف ، لأنه قد باع متاعاً في يد زيد ، وإن وكل أن يبيعه بنفسه فدفعه إلى الحالف حتى باعه كان البيع باطلاً ، ولم يحنث به الحالف ويكون الحنث واقعاً بما يصح من البيع دون ما فسد ، وكذلك سائر العقود إذا حلف لا يعقدها ، فعقدها عقداً فاسد لم يحنث ، وقال أبو حنيفة : يحنث بالصحيح منها والفاسد استدلالاً بأن العقد فعل ، والصحة والفساد حكم ، وعقد يمينه على الفعل دون الحكم .

ودليلنا : هو أن العقد ما تم ، والفساد يمنع من تمامه ، وإذا لم يتم شرط الحنث لم يقع كالنكاح الفاسد ، فإنه وافق على أنه لا يحنث به ، وخالف في البيع الفاسد ،