پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص387

والثالث : وهو مذهب مالك أنه يبر إن كان بقيمة حقه ، ويحنث إن كان أقل من قيمة حقه ، ووهم المزني فنقل هذا المذهب عن الشافعي ثم رد عليه فقال : ليس للقيمة معنىً ، لأن يمينه إن كانت على غير الحق لم يبر إلا بعينه ، وإن كانت على البراءة فقد برئ ، والعوض غير الحق ، سوى أو لم يساو فيقال للمزني : نقلك خطأ وجوابك صحيح ، وإنما حكاه الشافعي عن مالك ، وقد أفصح بمذهبه في كتاب الأم أنه يحنث ، واحتج أبو حنيفة على بره بأخذ البدل بأنه إذا أخذ عن مائة دينار ألف درهم صار عليه بأخذ الألف مائة دينار ، فصار مستوفياً لحقه .

ودليلنا هو أن سقوط الحق إنما هو بالمأخوذ وهو دراهم والحق دنانير ، فصار آخذاً لبدل الحق ، وليس بآخذٍ للحق ، ولأننا أجمعنا وأبو حنيفة أنه لو كان حق الحالف ثوباً فصالح عنه بدراهم أخذها منه أنه يحنث ، فكذلك إذا أخذ عن الدراهم ثوباً أو أخذ عن الدنانير دراهم حنث ، لأنه قد أخذ في الحالين بدل حقه ، ولم يأخذ بعينه وفيه جوابٌ .

( فصل : )

فأما إذا حلف لا يفارقه حتى يستوفي ما عليه ولم يقل : أستوفي حقي فأخذ بحقه بدلاً بر في يمينه ، لأنه قد صار بأخذ البدل مستوفياً ما عليه ، ولو أبرأه من الحق حنث ، لأن الإبراء ليس باستيفاء ، ولو أخذ به رهناً حنث أيضاً ، لأن الرهن وثيقةٌ ، ولو أحاله بالحق حنث ، لأنه ما استوفى ما عليه ، وإنما نقله إلى ذمة غيره ، ولو أحاله صاحب الحق على الغريم بر لأنه قد استوفى بالحوالة حقه ، ولو جنى عليه جناية أرشها بقدر حقه فإن كانت خطأ لم يبر ، لأن أرشها على عاقلته ، وإن كانت عمداً فأرشها في ذمته ، وحقه في ذمة غريمه ، فإن كانا من جنسين لم يجز أن يتقاضاه ، لأنه بيع دين بدين ، فيحنث لبقاء حقه على غريمه ، وإن كانا جنس واحدٍ فهل يكون قصاصاً فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : يكون قصاصاً ، وإن لم يتراضيا ، فعلى هذا فقد بر في يمينه .

والقول الثاني : لا يكون قصاصاً وإن تراضيا ، فعلى هذا قد حنث في يمينه .

والقول الثالث : يكون قصاصاً مع التراخي ، ولا يكون قصاصاً مع عدم التراخي ، فعلى هذا إن تراضيا قبل الافتراق بر ، وإن لم يتراضيا حنث .

( مسألة : )

قال الشافعي رحمه الله : ‘ حد الفراق أن يتفرقا عن مقامهما الذي كانا فيه أو مجلسهما ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيحٌ ، وهو معتبر بالعرف أن يصير كل واحدٍ منهما في مكان لا ينسب إلى مكان صاحبه ، وجملته أن كل ما جعلناه افتراقاً في البيع في سقوط