پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص385

والوجه الثاني : وهو قول البصريين ، أن الإكراه معتبر في فعل الحالف وغير معتبر في فعل المحلوف عليه ، فعلى هذا يحنث الحالف قولاً واحداً ، فأما إن كان الحالف هو المفارق للغريم فلا حنث عليه لأن يمينه معقودة على فعل غريمه ، لا على فعل نفسه ، وهذا الفراق منسوب إليه ، وليس بمنسوب إلى الغريم ، فلم يتعلق به حنث .

وأما القسم الثالث : وهو أن يعقد بيمينه على فعله ، وفعل غريمه ، وهو أن يقول : والله لا افترقنا أنا وأنت ، أو والله لا فارق واحدٌ منها صاحبه ، حتى أستوفي حقي منك ، فالحنث هاهنا واقع بفراق كل واحدٍ منهما صاحبه ، لانعقاد اليمين على فعلهما ، فإن فارقه الحالف حنث إن كان ذاكراً مختاراً ، وفي حنثه إن كان مكرهاً أو ناسياً قولان ، وإن فارقه الغريم المحلوف عليه ذاكراً ، مختاراً حنث الحالف ، وإن فارقه مكرهاً أو ناسياً ، ففي حنث الحالف ما قدمناه من خلاف البغداديين والبصريين في معاني هذه الأقسام في اليمين إذا كانت في الكلام أن يقول : والله لا كلمتك ، فإن كلمة الحالف ، حنث لعقد اليمين على كلام الحالف ، وإن كلمه المحلوف عليه لم يحنث ولو قال : والله لا كلمتن فكلمه المحلوف عليه حنث ، ولو كلمه الحالف لم يحنث لعقد اليمين على كلام المحلوف عليه ، ولو قال : والله لا تكلمنا أو لا كلم واحدٌ منا صاحبه ، فأيهما كلم الآخر حنث لأن اليمين معقودة على كلام كل واحدٍ منهما ، والله أعلم .

( مسألة : )

قال الشافعي : ‘ ولو أفلس قبل أن يفارقه ‘ .

قال الماوردي : وهذا راجع إلى من حلف لا يفارقه غريمه حتى يستوفي حقه منه فأفلس الغريم ففارقه لأجل الفلس الموجب لإطلاقه لا لخديعة ، فلا يخلو حال فراقه من أن يكون بحكم أو بغير حكم ، فإن فارقه بنفسه لما أوجبه الشرع من إنظار المعسر حنث ، لأن أحكام الشرع إذا خالفت عقد اليمين لم يمنع من الحنث كمن غصب مالاً ، وصف لا رده على صاحبه حنث برده عليه ، وإن كان رده بالشرع واجباً ، لأنه رده عليه مختاراً ، وهكذا لو دخل دار غيره وحلف لا خرج منها حنث بخروجه ، وإن أوجبه الشرع ، فأما إن حكم الحاكم عليه بمفارقته لما حكم به من فلسه ، فهو في هذا الفراق مكره غير مختار ، لأنه منسوب إلى إجبار الحاكم ، فيكون في حنثه قولان من حنث المكره .

( مسألة : )

قال الشافعي : ‘ أو استوفى حقه فيما يرى فوجد في دنانيره زجاجاً أو نحاساً حنث في قول من لا يطرح الغلبة والخطأ عن الناس لأن هذا لم يعمده ‘ .

قال الماوردي : إذا استوفى حقه في الظاهر ثم وجد فيه بعد فراقه نحاساً أو