الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص377
أحدها : أن ينوي لا يفعله بنفسه ، فلا يحنث إذا أمر غيره بفعله ، لا يختلف المذهب فيه اعتباراً بنيته ، سواء جل قدر الحالف أو قل .
والحال الثانية : أن ينوي أنه لا كان منه ما يقتضي ذلك الفعل ولا كان باعثاً عليه فيحنث إذا أمر غيره بفعله كما يحنث إذا فعله بنفسه ، لأنه قد كان باعثاً عليه سواء جل قدر الحالف أو قل .
والحال الثالثة : أن تكون يمينه مطلقة لم تقترن بها نية ، فينقسم ذلك الفعل المحلوف عليه ثلاثة أقسامٍ :
أحدها : أن يكون العرف في فعله جارياً بالأمر دون المباشرة من جميع الناس ، كقوله : والله لا احتجمت ، ولا افتصدت ولا حلقت رأسي ، ولا بنيت داري ، فإذا أمر غيره بالحجامة وفصده وحلق رأسه ، وبناء داره حنث سواء جل قدر الحالف أو قل ، لأنه لم يجر في العرف من قليل أو جليل أن يباشر فعلها في نفسه إلا بأمره ، فصار العرف فيه شرطاً يصرف حقيقة الفعل إلى مجازه فيصير اعتبار المجاز إذا اقترن بالعرف أولى من اعتبار الحقيقة إذا فارق العرف لأن العرف ناقلٌ .
والقسم الثاني : أن يكون العرف في فعله جارياً بمباشرته دون أمره من جميع الناس كقوله : والله لا كتبت ، ولا قرأت ولا حججت ، ولا اعتمرت فإذا أمر غيره بالكتابة والقراءة والحج والعمرة لم يحنث سواء جل قدر الحالف أو قل ، لأن العرف جارٍ بين الناس بمباشرة ذلك من كل قليل وجليل ، فصار العرف مقترناً بالحقيقة دون المجاز فخرج مجازه عن حكمه .
والقسم الثالث : أن يكون العرف مختلفاً في مباشرة فعله فيباشره من دنا ، ولا يباشره من علا ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يقترن بعرف الاستعمال في الاختلاف بينهما عرف الشرع وهو إقامة الحدود التي لا يقيمها في الشرع والعرف إلا أولو الأمر من ذي ولاية وسلطان ، فيحنث الأمر بها إن كان من أولي الأمر وإن لم يباشرها ، كما قيل : جلد النبي ( ص ) زانياً ، ورجم ماعزاً وقطع سارقاً ، ولا يحنث بها غير أولي الأمر حتى يباشرها بفعله ، لأنه غير نافذ الأسر فيهما .
والضرب الثاني : أن ينفرد الاختلاف بينهما بعرف الاستعمال دون عرف الشرع ، فيباشره من دنا ، ولا يباشره من علا تنزهاً وتصوناً كعقود البيوع والأشربة وتأديب العبيد والخدم ، فينقسم حال الحالف والمحلوف عليه ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون عرف الحالف جارياً بمباشرته ، كرجلٍ من عوام السوقة حلف