پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص375

على المقاربة ، ورمضان غير معين للقضاء ، لأنه ليس جميعه وقتاً له ، فغلب حكم اللفظ على حكم الوقت فحمل على الحد .

والوجه الثالث : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أن الشافعي جمع بين ‘ عند ‘ و ‘ إلى ‘ في الحنث ، وفرق بينهما في البر ، فإذا قال عند رأس الشهر لم يبر إلا بدفعه مع رأس الشهر وإذا قال : إلى رأس الشهر بر بدفعه في وقته ، وإلى عند رأس الشهر ، لأن عند لم توضع إلا للمقاربة ، وإلى قد وصفت للمقاربة تارة ، وللحد آخر : فاجتمع فيهما حكم المقاربة وحكم الحد فوجب أن يتعلق بهما الحكمان معاً فصارا الأجل ذلك مجتمعين في الحنث إن لم يقضه حتى جاء رأس الشهر حنث ، ومفترقين في البر إن قضاه في قوله : إلى رأس الشهر قبل الشهر بر ، وإن قضاه في قوله : عند رأس الشهر قبل الشهر لم يبر والله أعلم .

( مسألة : )

قال الشافعي : ‘ ولو قال إلى حينٍ فليس بمعلومٍِ لأنه يقع على مدة الدنيا ويومٍ والفتيا أن يقال له الورع لك أن تقضيه قبل انقضاء يومٍ لأن الحين يقع عليه من حين حلفت ولا نحنثك أبداً لأنا لا نعلم للحين غايةً ‘ .

قال الماوردي : أما الحين من الزمان فجمعهم لا حد له في الشرع عندنا ، وحده أبو حنيفة بستة أشهر ، وحده مالك بسنة ، فإذا حلف ليقضينه حقه إلى حين لم يحنث على مذهب الشافعي إلا بفوات القضاء بموته أو موت صاحب الحق .

وقال أبو حنيفة : إن قضاه في ستة أشهر بر ، وإن قضاه بعدها حنث ، وقال مالك : إن قضاه إلى سنة بر ، وإن قضاه بعدها حنث ، واستدلالنا على ذلك بقول الله تعالى : ( تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ) فقدره أبو حنيفة بستة أشهر ، لأنها في النخل مدة حملها من أول طلعها إلى آخر جذاؤها ، وقدره مالك بسنة ، لأنها تحمل من كل سنة ، فتكون من الإطلاع إلى الإطلاع ستة . ودليلنا هو أن الحين اسم مبهم ، ينطلق على قليل الزمان ، كقوله تعالى : ( فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ) ( الروم : 17 ) وأراد به أقل من يوم ، وينطلق على مدة الدنيا لقوله تعالى : ( وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حينٍ ) ( ص : 88 ) يعني يوم القيامة ، وينطلق على ما بين الزمانين كقوله تعالى : ( هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ ) ( الإنسان : 1 ) يعني : تسعة أشهر هي مدة حمله ، وقيل : هي أربعون سنة إشارة إلى آدم أنه صور من حمإ مسنون وطين لازبٍ ، ثم نفخ فيه الروح بعد أربعين سنة ، وإذا اختلف المراد به في هذه المواضع دل على أنه مشترك لا يختص بزمان دون غيره ، وينطلق على قليل الزمان وكثيره ، وإذا كان كذلك وقضاه قبل موته ،