پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص374

( فصل : )

وأما المسألة الثالثة المختلف فيها ، فهو أن يحلف ليقضينه حقه عند رأس الهلال ، أو إلى رأس الهلال ، فالذي نقله المزني فيها عن الشافعي أنه جمع بين قوله : إلى رأس الهلال ، وبين قوله : عند رأس الهلال في أنه يحنث برؤية الهلال ، ليكون زمان البر فيها بين وقتي حنث بتقدم أحدهما على رأس الهلال ويتأخر الآخر عنه ، وجمع المزني بين قوله إلى رأس الهلال ، وإلى رمضان في أن زمان البر من وقت يمينه ، وإلى رأس الهلال ، كما كان في وقت يمينه إلى رمضان ، واختلف أصحابنا في ذلك على ثلاثة أوجه :

أحدها : وهو الصحيح أن الأمر على ما قاله المزني من اختلاف الحكم بين قوله : عند رأس الهلال ، في أن وقت البر يكون مع رؤية الهلال بين زماني حنث ، وقوله : عند رأس الهلال ، أن البر من وقت يمينه وإلى رؤية الهلال ، فيكون رؤية الهلال وقتاً لحنثه ، ورؤيته في قوله : عند رأس الهلال وقتاً لبره لأن لفظه ‘ إلى ‘ موضوعة في اللغة للحد والغاية ، ولفظه : عند موضوعة للمقاربة ، فاختلف حكمهما لاختلاف موضوعهما ، كما اختلف حكم قوله : إلى رمضان ، وعند رمضان ، وأجاب من قال بهذا الوجه عن جمع الشافعي رحمه الله بينهما بأن جوابه وإن كان معطوفاً عليهما فهو عائد إلى قوله : عند رأس الهلال ولم يعد إلى قوله : إلى رأس الهلال ، وللشافعي عادة أن يجمع بين مسألتين يعطف بالجواب عليهما ، فيريد به إحداهما اكتفاءً بما عرف من مذهبه في الأخرى ولم يخف عليه أن ‘ إلى ‘ و ‘ عند ‘ مختلفا المعنى في اللغة ، ويجب أن يكونا مختلفين في الحكم في الشرع .

والوجه الثاني : وهو محكي عن أبي إسحاق المروزي أن جمع الشافعي بين عند رأس الهلال ، وإلى رأس الهلال صحيحٌ . وأن كليهما في البر والحنث واحدٌ ، وأن رأس الهلال وقت البر فيهما ، وأن ما قبله وما بعده وقت الحنث فيهما ، لأن لفظة ‘ إلى ‘ قد تستعمل للحد تارة وللمقاربة تارة كما قال تعالى : ( مَنْ أنْصَارِيَ إِلَى اللهِ ) ( الصف : 14 ) أي : مع الله ، ( وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ) ( المائدة : 6 ) ، أي : مع المرافق ، فلما احتمل أن تكون للحد تارة ، وللمقاربة أخرى ، صار الحنث في جعلها للحد مشكوكاً فيه ، وفي جعلها للمقاربة متيقناً ، فحنث باليقين دون الشك ، وفرق أبو إسحاق ومن تابعه ، بين قوله إلى رأس الشهر فيكون للمقاربة ، وبين قوله : إلى رمضان فيكون للحد بأن رأس الشهر معين للقضاء ، فغلب حكم الوقت على حكم اللفظ فحمل