الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص370
والوجه الثاني : يجري عليه حكم المكره لبقاء وقته ، فعلى هذا يكون في حنثه قولان ، والله أعلم .
قال الماوردي : وهاتان مسألتان جمع المزني بينهما ، ونحن نذكر قبل شرحهما مسألتين ليكونا أصلا يتمهد به جواب مسائلهم ، فتصير المسائل أربعاً : فالمسألة الأولى : أن يقول : والله لأقضينك حقك ، ولا يعين للقضاء وقتاً ، فيكون بره معتبراً بقضائه قبل موت الغريم وصاحب الحق في قريب الزمان وبعيده سواء ، لأن إطلاق اليمين يتناول مدة الحياة فإن مات صاحب الحق قبل قضائه حنث الحالف ، وكذلك لو مات الغريم الحالف قبل القضاء حنث أيضاً فيقع الحنث بموت كل واحدٍ منهما قبل القضاء لحدوث الموت مع إمكان البر .
والمسألة الثانية : أن يحلف لأقضينك حقك في يوم الجمعة ، فيجعل للقضاء وقتاً ، فلا يبر الحالف إلا بقضائه فيه ، فإن قضاه قبل يوم الجمعة أو بعده حنث ، فلو مات الحالف قبل يوم الجمعة لم يحنث قولاً واحداً لموته قبل إمكان بره ، وإن مات صاحب الحق قبل يوم الجمعة ففي حنث الحالف قولان من اختلاف قوليه فيمن حلف ليأكلن هذا الطعام غداً ، فهلك الطعام اليوم :
أحدهما : يحنث .
والثاني : وهو أصح ، لا يحنث ، وعليه يكون التفريع ، والفرق بين إطلاق اليمين ، فيحنث بموت كل واحدٍ منهما ، وبين تقييدها بوقت فلا يحنث بموت كل واحدٍ منهما قبل الوقت هو إمكان البر مع الإطلاق ، وتعذر إمكانه مع التوقيت .
والمسألة الثالثة : وهي أولى المنصوصين أن يحلف ليقضينه حقه في يوم الجمعة ، إلا أن يشاء صاحب الحق أن يؤخره فبره معتبر بأحد شرطين إما أن يشاء صاحب الحق أن يؤخره قبل انقضاء يوم الجمعة ، وإما أن يقضيه حقه في يوم الجمعة إلا أن مشيئة تأخيره حلٌ ليمينه والقضاء بر في يمينه فإن مات الحالف قبل يوم الجمعة لم يحنث