پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص366

ولا يحنث إن لم يعلم ، لأنه مع العلم قاصدٌ ومع الجهل غير قاصد ، وهذا قول من فرق بين العمد والخطأ .

والوجه الرابع : وهو مذهب عطاء أنه إن لم يعلم به أو علم فاستثناه بقلبه لم يحنث وإن علم ولم يستثنه حنث تخريجاً ممن حلف لا يكلم زيداً فسلم على الجماعة وهو فيهم ، واستثناه بنيته لم يحنث على ما سنذكره من شرح المذهب فيه .

( فصل : )

فإذا ثبت تعليل ما ذكرنا من هذه الأوجه الأربعة ، فإن قيل : بوقوع الحنث بهذا الدخول حنث إذا جمعهما بيت واحدٌ ، فإن كانا في بيتين من دار واحدةٍ لم يحنث لأنه لا يكون داخلاً عليه بيتاً ، وإن جمعتهما دار واحدة ، فإن كانت صغيرة لا يفرق المتبايعان فيها حنث ، لأن اسم البيت منطلق على الدار عرفاً ، لأنه مشتق من المبيت ، وإن كانت الدار كبيرة ، وكل واحد منهما بمكان يفترق المتبايعان منه لم يحنث ، وكان أبو العباس بن سريج ، يرى أنه لا يحنث حتى يدخل عليه ، وهو في بيت من الدار ، فإن دخل عليه وهو في صحنها أو صفتها لم يحنث اعتباراً بحقيقة اسم البيت أنه منطلق على ما تميز من الدار بهذا الاسم كما لو قال : والله لا دخلت بيتاً فدخل صحن الدار أو صفتها ، أو استطرق دهليزها لم يحنث ، وبينهما فرق يمنع من التساوي ، وإن كان أبو حنيفة يسوي بينهما في الحنث كما سوى أبو العباس بينهما في البر .

وإن قيل : بأن الحنث لا يقع بهذا الدخول ، فإن بادر بالخروج ساعة دخوله أو بادر المحلوف عليه بالخروج لم يحنث ، وإن لم يخرج واحد منهما في الحال ففي حنثه قولان ، فمن حلف لا يدخل داراً وهو داخلها ، هل يحنث بالاستدامة كما يحنث بالابتداء أم لا ؟ على قولين :

أحدهما : يحنث هذا إذا جعل الاستدامة كالابتداء .

والثاني : لا يحنث إذا فرق بين الاستدامة والابتداء فلو دخل المحلوف عليه بيتاً على الحالف فإن بادر الحالف بالخروج منه لم يحنث ، وإن أقام فيه ، فإن قيل : إن استدامة الدخول لا تكون دخولاً لم يحنث الحالف هاهنا .

وإن قيل : إن استدامة الدخول تكون كابتدائه ففي حنث الحالف هاهنا وجهان :

أحدهما : يحنث لأنه قد صار كالداخل .

والوجه الثاني : لا يحنث لأنه مدخولٌ عليه وليس بداخل على المحلوف عليه والله أعلم .

( مسألة : )

قال الشافعي رحمه الله : ‘ ولو حلف ليأكلن هذا الطعام غداً فهلك قبل غدٍ لم يحنث للإكراه قال الله جل وعز ( مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ