پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص363

قال الماوردي : أما إذا قال : والله لا دخلت مسكن زيد ، فدخل داراً يسكنها زيد بملك أو إجارة أو غصب حنث ، لأنها مسكن له في الأحوال كلها ، ولو حلف لا يدخل دار زيد ، فدخل داراً يملكها زيدٌ حنث . سواء كان يسكنها أو لا يسكنها . ولو كان زيد يملك نصفها أو أكثرها لم يحنث ، ولو دخل داراً يسكنها زيدٍ بإجاره وهو لا يملكها لم يحنث على مذهب الشافعي .

وقال أبو حنيفة ومالك يحنث استدلالاً بقول الله تعالى : ( كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ ) ( الأنفال : 5 ) وكان قد أخرجه من بيت خديجة : فأضاف البيت إليه ، وإن لم يملكه ، لأنه كان ساكنه . وقال تعالى : ( اتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) ( الطلاق : 1 ) أي من بيوت أزواجهن فأضافها إليهن بسكناهن لأن ملكها لا يجوز أن يخرج منه بالفاحشة المبينة ، ولا بغيرها ولأنه لما كان الإذن في دخولها مقصوراً عليه دون مالكها صار بالإضافة إليه أحق فوجب أن يكون بالحنث ألزم .

ودليلنا أن إضافة الأملاك بلام التمليك تقتضي إضافة الملك للرقاب دون المنافع ألا تراه لو قال : هذه الدار لزيد كان هذا إقراراً منه له بالملك دون المنفعة ، فلو قال : أردت أنه مالك لمنافعها لم يقبل منه فإذا كان هذا في الإقرار موجباً للملك وجب أن يكون في الأيمان محمولاً على الملك ، ولأنه لو سكن زيد دار عمرو . فحلف رجل ألا يدخل دار زيد وحلف آخر لا يدخل دار عمرو ثم دخلها كل واحدٍ من الحالفين قالوا يحنثان جميعاً فجعلوها كلها دار زيد ، وجعلوها كلها دار عمرو ومن المستحيل أن يكون كل الدار لزيد وكلها لعمرو ، فوجب أن تضاف إلى أحقهما بها والمالك أحق بها من الساكن ، لأن الساكن لو حلف أن الدار له ، حنث والمالك إن حلف أن الدار له لم يحنث . فوجب أن يكون الحانث من الحالفين من اختص بالملك دون الساكن .

وأما الجواب عن استدلالهم بالآيتين في إضافة الدار إلى ساكنها فهو أنها إضافة مجاز لا حقيقة كما يقال : مال العبد وسرج الدابة ، والأيمان محمولة على حقائق الأسماء دون مجازها .

وأما الجواب عن استدلالهم بالإذن فهو أن استحقاق الإذن لا يغير حكم الملك ، كما لو حلف المالك لا دخلت داري فدخل داراً قد أجرها حنث ، وإن كان الإذن في دخولها حقاً لغيره ، فإذا تقرر هذا فهذا هو الكلام في الحكم مع عدم النية ، فأما إن كانت له نية تخالف هذا الإطلاق حمل في الحنث على نيته .

( مسألة : )

قال الشافعي : ‘ ولو حمل فأدخل فيه لم يحنث إلا أن يكون هو أمرهم بذلك تراخى أو لم يتراخ ‘ .