الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص356
داره ، أو رهنها حنث ، بدخولها ، لبقائها على ملكه ، ولو وقفها لم يحنث لخروج الوقف عن ملك واقفة . ولو دخل داراً استأجرها زيد من مالكها ، لم يحنث بدخولها لأن حقيقية الإضافة محمولة على الملك دون اليد ، والتصرف ، وهذا مع إطلاق يمينه ، وإن حنثه مالك بهذا كله فأما إن كانت له نية ، فحنثه محمول على نيته ، والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا حلف ، لا يدخل هذه الدار ، فانهدمت وصارت عراصاً ، فدخلها لم يحنث ، وهكذا لو حلف لا يدخل هذا البيت فانهدم ، وصار براحاً لم يحنث .
وقال أبو حنيفة : إذا دخل عرصة الدار بعد انهدامها حنث ، وإذا دخل عرصة البيت بعد انهدامه ، لم يحنث فوافق في البيت ، وخالف في الدار إلا أن يبني مسجداً أو حماماً ، أو يجعل بستاناً ، استدلالاً بأن اسم الدار ينطلق على العرصة بعد ذهاب العمارة ، كما ينطلق عليها مع العمارة كما يقولون هذه ديار عادٍ ، وديار ثمود ، وديار ربيعة ، وديار مضر ، وإن ذهبت عمارتها ، وبقيت عراصها ، وهو واضح في أشعار العرب قال النابغة :
وقال لبيد :
والعفا : الدرس ، فسماها دياراً بعد دروسها ، فكان بقاء الاسم على عرصها موجباً ، لوقوع الحنث بدخولها ، ولأنه لو انهدم من سورها فأدخل منه إلى عرصة ضمنها حنث ، وإن لم يدخل في بناء ولا صار في عمارة فكذلك ، إذا انهدم جميع بنائها حنث بدخول عرصتها .
ودليلنا هو أن ما تناوله الاسم مع البناء زال عنه حكم الحنث بذهاب البناء ، كالبيت فإن قيل : البيت لا يسمى بعد انهدامه بيتاً ، وتسمى الدار بعد انهدامها داراً بطل بقول الله تعالى : ( فَتِلْكَ بُيُوتُّهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا ) ( النمل : 52 ) فسماها بعد الخراب بيوتاً ، ولأن ما منع من الحنث بدخول عرصة البيت ، منع منه بدخول عرصة الدار ، كما لو بنى العرصة مسجداً ، ولأن أبا حنيفة قد وافقنا ، أنه لو حلف لا يدخل داراً ، ولم يعينها ، فدخل عرصة دار قد انهدم بناؤها لم يحنث كذلك إذا عينها .