الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص351
قال المارودي : اعلم أن بيوت السكنى تختلف من وجهين :
أحدهما : باختلاف الأحوال .
والثاني : باختلاف العادات .
فأما المختلف باختلاف الأحوال فللبوادي بيوت النقلة من الأدم ، والشعر ، لأنهم ينتجعون في طلب الكلأ ، فيسكنون من البيوت ما ينتقل معهم في النجعة من الخيام ، والفساطيط ، ولأهل القرى بيوت الاستقرار فيسكنون ما يدوم ثبوته في أوطانهم من الأبنية المستقرة . وأما ما يختلف باختلاف العادات ، فهو أن بيوت أهل الأمصار لتشييدها ، وقسمة مساكنها ، مخالفة لبيوت أهل القرى في ذهابها ، واحتلال قسمها ، وتختلف العادات ، فمنهم من يبني بالأحجار والنورة ، ومنهم من يبني بالآجر والجص ، ومنهم من يبني باللبن ، والطين ، ومنهم من يبني بالخشب ، ومنهم من يبني بالقصب ، واختلاف العادات ، لا تؤثر في الأيمان وجميعها بيوت لمن اعتادها ، ومن لم يعتدها ، فإذا حلف لا يسكن بيتاً ، حنث بسكنى كل بيت منها ، وإن لم يعتد سكناه من حجر أو أجر أو طين أو خشب ، أو قصب ، محكم يدوم على مر السنين ، ولا يحنث أن يسكن بيوت الرعاة من الهشيم والجريد ، والحشيش ، لأنه يستدفع به أذى وقت من حرٍ أو بردٍ ، ولا يستدام سكناها . فأما إن سكن مسجداً أو حماماً ، لم يحنث لأمرين :
أحدهما : أن انطلاق اسم البيت عليهما مجاز لا حقيقةٌ .
والثاني : أنهما لا يسكنان في العرف ، فلهذا لم يحنث لسكناهما .
أحدهما : انطلاق اسم الحقيقة عليها ، ووجود عرف الاستعمال فيها ، فاقترن بحقيقة الاسم عرف الاستعمال .
وأما بيوت النقلة من خيم الشعر ، وفساطيط الأدم فقد قال الشافعي يحنث بسكناها البدوي ، والقروي ، فلم يختلف أصحابه أن الحالف لا يسكن بيتاً ، إذا كان