الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص350
والقسم الثالث : ما اختلف هل تكون الاستدامة فيه كالابتداء ، وهو ثلاثة أشياء : الدخول ، والطيب والسفر ، هل يكون الاستدامة كالابتداء فإذا حلف لا دخلت هذه الدار حنث بأن يستأنف دخولها ، إذا كان خارجاً ، وفي حنثه باستدامة دخولها ، إذا كان فيها قولان :
أحدهما : وهو مقتضى نصه في كتاب الأم .
وقال أبو عبد الله الزبيري أنه يحنث ، باستدامة جلوسه فيها لما كما يحنث باستئناف دخولها ، كالسكنى ، وقد قال الشافعي : لو حلف لا يدخلها فأكره على دخولها ، فإن عجل الخروج منها بعد المكنة ، لم يحنث وإن أقام حنث ، فجعل استدامة الدخول كالدخول .
والقول الثاني : نص عليه في كتاب حرملة ، وقاله أبو العباس بن سريج ، لا يحنث باستدامة الدخول ، حتى يستأنفه ، لأن الدخول يكون بعد خروج .
ولو حلف لا تطيبت حنث بأن يستأنف الطيب ، وفي حنثه باستدامة طيب متقدم ثلاثة أوجه :
أحدها : يحنث باستدامته ، لأنه منسوب إلى التطيب .
والوجه الثاني : لا يحنث بالاستدامة ، لأنه لم يستحدث فعلاً .
والوجه الثالث : أنه إن كان أثر طيبه باقياً ، حنث ، وإن بقيت الرائحة دون الأثر لم يحنث ، وهي طريقة أبي الغياض اعتباراً ببقاء العين ، وزوالها ولو حلف لا يسافر ، لم حنث بأن يستأنف السفر طويلاً . كان أو قصيراً فأما إذا حلف ، وهو مسافر ، فله ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يأخذ في العود من سفره ، فلا يحنث ، لأنه قد أخذ في ترك السفر .
والحال الثانية : أن يكون باقياً على وجهه في السفر ، فيحنث باستدامة مسيره ، لأنه أخذ في السفر .
والحال الثالثة : أن يقيم بمكانه من سفره ، ففي حنثه باستدامته وجهان :
أحدها : يحنث كالتوجه ، لبقائه على السفر .
والوجه الثاني : لا يحنث لكفه عن السير ، فصار كالعود .
وكل ما لم نسمه فهو معتبرٌ بما سميناه من هذه الأقسام ، فيكون ملحقاً بأشبههما به والله أعلم .