الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص349
وإن رقي على شجرة خارج الدار ، وأغصانها في الدار ، وعدل عن أغصانها الداخلة لم يحنث ، وإن صار فوق أغصانها الداخلة نظر فيها فإن كانت الأغصان فوق السطح ، لم يحنث ، وإن كانت دون السطح حنث ، ولو جلس خارج الدار في ماء يجري إلى الدار ، فحمله الماء إليها حنث ، وصار الماء كالدابة ، إذا ركبها فأدخلته الدار حنث ، لأنه يصير بهما داخلاً ، إلى الدار ، ولو رقى على سورها فألقته الريح إليها لم يحنث ، إن بادر بالخروج منها ، لأن دخولها من غير فعله ، ولو أدخل إحدى رجليه من باب الدار دون الأخرى ، لم يحنث ، لأن الدخول لم يكمل ، ولو ثقب حائط الدار ، ودخل إليها من ثقبها ، حنث ، إلا أن يكون له نية أن لا يدخلها من بابها ، فيحمل على ما نواه ، ولا يحنث بالدخول من غير الباب . والله أعلم .
قال الماوردي : اعلم أن ما حلف عليه من الأفعال ينقسم ثلاثة أقسام :
أحدها : ما يحنث فيه بابتداء الفعل ، واستدامته ، وهو خمسة أشياء السكنى ، واللباس ، والركوب ، والغصب ، والجماع ، فإذا حلف لا سكنت داراً حنث بأن يبتدئ سكناها ، وحنث بأن يكون ساكناً فيها ، فيستديم سكناها إلا أن يبادر بالخروج منها .
ولو حلف لا لبست ثوباً حنث بأن يبتدئ لباسه ، وحنث أن يكون لابسه ، فيستديم لباسه إلا أن يبادر بنزعه .
ولو حلف ‘ لا يركب دابة ، حنث ‘ بأن يبتدئ ركوبها وحنث بأن يكون راكباً ، فيستديم ركوبها إلا أن يبادر بالنزول عنها ، ولو حلف : لا غصبت مالاً ؛ حنث بأن يبتدئ بالغصب ، وحنث بأن يكون غاصباً ، فيستديم الغصب إلا أن يبادر برده .
ولو حلف ، لا جامعت حنث بأن يبتدئ الجماع ، وحنث بأن يكون مجامعاً ، فيستديم الجماع إلا أن يبادر بالإخراج .
وإنما حنث في هذه الخمسة بالابتداء ، والاستدامة لأن اسم الفعل منطلق عليه في الحالين ، فاستوى حكمهما في الحنث .
والقسم الثاني : ما يحنث بابتداء الفعل ، ولا يحنث باستدامته ، وهو خمسة أشياء النكاح والإحرام ، والرهن والشراء ، والوقف ، فإذا حلف لا ينكح ، وقد نكح . وأن لا يحرم وقد أحرم ، أو لا يرهن ، وقد رهن ، أو لا يقف وقد وقف ، لم يحنث ، حتى يستأنف نكاحاً ، وإحراماً ، ورهناً ، وشراء ، ووقفاً ، لأنها عقود . فلم يحنث باستدامتها لتقدم العقد فيها .