الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص345
لاختلاف المقصدين موجباً لاختلاف الحكمين ، وبمثله يجاب عن استشهادهم الثاني من الخارج إلى دكانه وبستانه .
وإن كان قادراً على الخروج فتوقف للبس ثيابه التي جرت عادته في الخروج بها لم يحنث ولو توقف لأكل أو شرب حنث ، وكذلك لو توقف لطهارة أو صلاة حنث ، لأنه يقدر على فعل ذلك في غيرها إلا أن يضيق عليه وقت الصلاة ، ويعلم أنه إن خرج منها فاتته فلا يحنث بالصلاة فيها ، لأن الشرع قد منعه من الخروج قبل الصلاة فكان أوكد من منع المخلوقين ، ولو توقف فيها لغلق أبوابه ، أو إحراز ما يخاف عليه تلفه من أمواله ، فإن كان يقدر على استنابة أمين فيه حنث ، وإن لم يقدر على الاستنابة لم يحنث على الصحيح من المذهب ، لأن أخذه في ذلك شروع في الخروج ، ويحتمل وجهاً آخر أنه يحنث ، لأنه منعٌ لا يختص ببدنه ، وإن قدر على الخروج وارتفعت عوارض المنع حنث بقليل المقام وكثيره فإن كان لخروجه بابان يقرب من أحدهما ويبعد من الآخر كان مخيراً في الخروج من أيهما شاء ، ولا يحنث بالخروج من أبعدهما ، لأنه أخذ في الخروج وإن بعد مسلكه ، فإن صعد إلى علوها للخروج من سطحهما ، وله بابٌ يخرج منه حنث ، لأنه بالصعود في حكم المقيم ، ولو لم يقدر على الخروج من بابه لم يحنث بالصعود للخروج .
فإن قال : ‘ أردت بيميني لا سكنت هذه الدار شهراً ‘ فإن كانت بالله ، حملت على ما نواه ظاهراً وباطناً ، لأنها مختصة بحق الله الذي يحمل فيه على نيته ، وإن كانت بطلاق ، أو عتاق حمل على التأبيد في ظاهر الحكم لوجود خصم فيه ، وكان في الباطن مديناً فيما بينه وبين الله تعالى ، ومحمولاً على ما نواه ، ولو قال ‘ لا سكنتها يوماً ، كانت معلقة إلى مثل وقته من غده ، ولو قال ‘ لا سكنتها يومي هذا ‘ انقضت بغروب الشمس