الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص335
أحدهما : أن نفوس الآدميين أشح ، والله تعالى بحقوقه أسمح ، ولذلك جعل لها أبدالاً وأسقطها بالشبهات .
والثاني : أن مستحقيها متعينون ؟ وحقوق الله تعالى لا يتعين مستحقها ، وما تعين مستحقه أوكد .
والقول الثالث : أن كلا الحقين سواء لاشتراكهما في الوجوب وتساويهما في الاستحقاق فتقسط التركة بينهما على قدر الحقين .
والضرب الرابع : أن تكون حقوق الله تعالى وحقوق الآدميين متعلقة بالعين ، فإن تغايرت اختصت كل عين بمستحقها ، وإن اتفقت في عين واحدة فقد أشار أبو علي بن أبي هريرة إلى وجهين :
أحدهما : أن يكون على الأقاويل الثلاثة كالمتعلق بالذمة .
والوجه الثاني : أنه يقدم فيها حقوق الآدميين على حقوق الله تعالى قولاً واحداً ، لأنها في أيديهم .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إن مات وعليه كفارة لم يخل حالها أن تكون على الترتيب أو على التخيير ، فإن كانت على الترتيب مثل كفارة والظهار لم يخل حاله فيها من أن يوصي بها أو لا يوصي فإن لم يوص أخرجت الكفارة من رأس ماله ، فإن احتمل العتق صار من أهله فأعتق عليه ، وإن لم تحتمل تركته العتق صار معسراً به ، فلا يعدل عنه إلى الصيام ؟ لأنه لا تصح منه النيابة ، وعدل عنه إلى الإطعام وإن أوصى بالتكفير عنه لم يخل حاله في الوصية من ثلاثة أحوالٍ :
أحدها : أن يجعله من رأس ماله فيكون من أصل التركة وتكون الوصية به تأكيداً .
والحال الثانية : أن يجعله من ثلثه فتصير الوصية في الثلث ، وهو بها مرفهٌ على ورثته ، فإن وفى العتق من الثلث والأكمل من رأس المال .
والحال الثالثة : أن يطلق الوصية به ولا يسميه من رأس المال ولا من الثلث ففيه ثلاثة أوجه :
أحدها : يكون من رأس المال حملاً للوصية على التأكيد .
والوجه الثاني : يكون من الثلث حملاً للوصية على التأثير والترفيه .