الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص331
أحدهما : وهو القديم أنه يجوز معه البناء ولا ينقطع به التتابع كالحيض ، تعليلاً بأنه فطر بعذر ، لا يمكن مع الصوم .
والقول الثاني : وهو الجديد يجب مع الاستئناف ، وينقطع به التتابع ، تعليلاً بأنه لا يعتاد استمراره .
والعذر الثالث : الفطر بالسفر .
فإن قيل : إن الفطر بالمرض يقطع التتابع ، فالفطر بالسفر أولى أن يقطعه .
وإن قيل : إن الفطر بالمرض لا يقطع التتابع ففي قطعه بالسفر قولان :
أحدهما : لا يقطعه ويجوز معه البناء ، لأنه فطر بعذرين قد جمع الله بينهما في الإباحة .
والقول الثاني : يقطع التتابع ويوجب الاستئناف ، لأن فطره بالمرض ضرورة وبالسفر عن اختيار ، ولذلك إذا مرض في يوم كان صحيحاً في أوله أفطر ، ولو سافر في يوم كان سقيماً في أوله لم يفطر .
والعذر الرابع : أن يطرأ عليه في تضاعيف صيامه جنون أو إغماء ، فإن قيل في المرض يبني فهذا أولى ، وإن قيل في المرض يستأنف ففي الاستئناف بالجنون والإغماء وجهان :
أحدهما : يستأنف كالمريض .
والثاني : يبني ولا يستأنف لأن الصوم مع المرض يصح ، ومع الجنون والإغماء لا يصح وأما أعذار الزمان فهو أن يتخلل مدة صيامه زمان لا يجوز صيامه مثل يوم الفطر ، ويوم النحر ، فهذا قاطع للتتابع وموجب للاستئناف ، ولأن الاحتراز منه ممكن ، وهكذا لو تخلل صيامه شهر رمضان قطع التتابع ، فأما أيام التشريق فما تقدمه من يوم النحر قطع التتابع ، فأما الابتداء بصيامها في الكفارة فقد كان الشافعي يرى في القديم جواز صيامها في كفارة تمتعه ، لقول الله تعالى : ( فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ فِي الحَجِّ ) ( البقرة : 196 ) ثم رجع عنه في الجديد ، ومنع من صيامها للمتمتع وغيره لنهي رسول الله ( ص ) عن صيامها ، وقوله : ‘ إنها أيام أكلٍ وشربٍ وبعالٍ ، فلا تصوموها ‘ فإن منع من صيامها للمتمتع ، كان غير المتمتع أولى بالمنع ، وإن جوز صيامها للمتمتع لم يجز أن تصام تطوعاً لغير سبب ، وفي جواز صيامها بسبب موجب وجهان :
أحدهما : يجوز وهو قول أبي إسحاق المروزي كالمتمتع لاشتراكهما في السبب الموجب .