الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص325
قال الماوردي : وهذا صحيح ، لأن صحة الأنساب في عتق الكفارات غير معتبر ؟ ولأن سلامة بدنه وصحة عمله مماثلٌ لذوي الأنساب ؟ ولأنه لما لم يكن ذلك عيباً في نقصان ثمنه ، فأولى أن لا يكون عيباً في إجزاء عتقه ، وأحسب الشافعي قال ذلك ، ونص عليه ، بخلاف شذ من بعض السلف تمسكاً بقول النبي ( ص ) : ‘ ولد الزنا شر الثلاثة ‘ ولا دليل فيه ، لأنه غير مستعمل على ظاهره ، وفيه تأويلان :
أحدهما : أنه شرهم نسباً .
والثاني : أنه شرهم إذا زنا لأنه صار مع شر نسبه زانياً .
قال الماوردي : اعلم أن الله تعالى أطلق عتق الرقبة في الكفارة فاقتضى إطلاقها أحد أمرين إما السلامة من جميع العيوب كالغرة في الجنين والإبل من الدية ، وإما جوازها مع كل العيوب اعتباراً بمطلق الاسم كالنذور ، لكن انعقد فيها إجماعٌ منع من اعتبار أحمد هذين الأصلين لأنهم أجمعوا على أن من ذوات العيوب ما يجزئ ، وهي العوراء والبرصاء والجدعاء ، ومن ذوات العيوب ما لا يجزئ ، وهي العمياء والقطعاء والشلاء فاعتبرنا معنى ما أجازوه ، ومعنى ما ردوه ، فوجدناهم قد أجازوا منها ما لا يضر بالعمل إضراراً بيناً وردوا منها ما يضر بالعمل إضراراً بيناً ، فصار هذا أصلاً عقده الإجماع في الكفارة خارجاً عن الأصلين في إطلاقها فاعتبروا كمال المنفعة دون كمال الصفة ، لأن المقصود بالعتق تمليك الرقبة منافع نفسها ، فاعتبرنا كمال ما توجه إليه التمليك من المنافع دون الصفات ، فإذا صار هذا أصلا معتبراً انساق عليه التفريع ، فقلنا : إن العوراء تجزئ بكمال منافعها ؟ وإنها تدرك بإحدى العينين ما تدركه بهما ، فإن قيل : فقد منع الشرع من الأضحية بالعوراء قيل : لأنه قصد به كمال اللحم واستطابته في الأضحية والعور مؤثر فيه ، فمنع منه ، ولم يمنع مما قصد به كمال المنفعة في العتق فأجيز فيه . وإذا أجزأت العوراء في عتق الرقبة فأولى أن يجزئ عتق الحولاء والخيفاء والمقطوعة الأنف والأذنين والبرصاء ، لأن كل هذه العيوب غير مضرة بالعمل ، وكذلك يجزئ عتق الخرساء ، وعتق الصماء ، لأن عملها كامل والإشارة معهما تقوم مقام النطق ، فإن لم يفهما الإشارة لم يجز عتقهما ، فإن الشافعي