پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص324

وحده ، اعتباراً بلحوق نسبه بأبيه دون أمه ، كذلك في الإسلام ، لأن أحكامه في اتباع أبويه تنقسم قسمين :

أحدهما : ما كان فيها تابعاً لأبيه دون أمه ، وهو النسب .

والثاني : ما كان فيها تابعاً لأمه دون أبيه ، وهو الحرية والرق ، فأما ما ينفرد به كل واحد من الأبوين فخارجٌ من القسمين ، ودليلنا قول الله تعالى : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيْمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) ( الطور : 21 ) فأخبر أن الأولاد يتبعون الآباء والأمهات في الإيمان ، وقال النبي ( ص ) ‘ الإسلام يعلو ‘ ولا يعلى ‘ وقد خلق الولد من ماء الأبوين ، فإذا اجتمع فيه إسلام أحدهما وكفر الآخر وجب أن يعلو الإسلام على الكفر ، وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ كل مولودٍ يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ‘ فجعل اجتماع أبويه سبباً لشهوده فخرج بإسلام أحدهما من اليهودية ؟ ولأنه لو افترق حكم أبويه في إسلامه لكان اعتباره بأمه أحق ، لأنه منها قطعاً ، ومن أبيه ظناً .

فأما السبب فلا يلزم لأن حكمه في التحريم معتبر لكل واحدٍ منهما فصار بالدين أشبه ، وأما استدلالهم بتقسيم الحكمين فقد يقترن بهما ثالث وهو أن حربة الأب توجب حرية الولد إذا وطئها بملك اليمين ، ورق الأم يوجب رق الولد إذا وطئها بعقد النكاح ، فصارت الحرية والرق معتبرين بكل واحدٍ من الأمرين فكذلك الإسلام ويصير هذا قسماً ثالثاً .

( فصل : )

فإذا صح إسلام الصغير والمجنون بإسلام كل واحدٍ من أبويه فعتق الصغير في الكفارة مجزئٌ ، وإن كان ناقص العمل بخلاف الزمن ؟ لأن نقص الصغير يزول ، ونقص الزمانة لا يزول ، سواء كان الصغير مستقلاً بنفسه ، مستغنياً عن التربية كالمراهق ، أو كان طفلاً يربى كالرضيع ؟ لأنه ينشأ ويستكمل ونفقته بعد عتقه في بيت المال وفي الصدقات ولا يجب على معتقه ولو تبرع بها حتى يبلغ هو الاكتساب كان أولى وإن لم تجب ، فأما عتق المجنون فلا يجزئ إن كان جنونه مستديماً طبعاً وكذلك المعتوه ، وإن كان يجن في زمان ويفيق في زمان ، فإن كان زمان جنونه أكثر من زمان إفاقته ، أو كانا سواء لم يجزه عتقه ، وإن كان زمان إفاقته أكثر من جنونه ، ففي إجزاء عتقه وجهان :

أحدهما : يجزئ كما يجزئ عتق من قل عيبه .

والوجه الثاني : لا يجزئ ، لأن قليل الجنون يصير كثيراً ، فأما عتق الأحمق فيجزئ ، لأنه يستعمل بتدبير غيره ، وأما عتق الفاسق فمجزئ لإجراء أحكام الإسلام عليه .