الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص312
والثاني : أن جميعها واجب بالنص ، وله إسقاط جميعها بفعل أحدها ، فعلى هذا يصح العتق .
وإن مات المكفر عنه معسراً فقد اختلف أصحابنا هل يكون التكفير بعد موته معتبراً بالواجب أو بالتطوع على وجهين :
أحدهما : يكون معتبراً بالواجب فيكون على ما مضى .
والوجه الثاني : يكون معتبراً بالتطوع ، فيكون على ما يأتي .
قال الماوردي : أما التطوع بذلك عن وصية الميت فجائز ، سواء كان عتقاً أو صدقة ويكون الولاء للميت ؟ ينتقل عنه إلى الذكور من عصبته وأما التطوع به عن الميت من غير وصية ، فإن كان صدقة جاز من وارث وغير وارث ؟ لما روي عن النبي ( ص ) أنه أمر سعد بن أبي وقاصٍ ‘ أن يتصدق عن أمه بعد موتها ‘ .
وروي أن رجلاً قال : يا رسول الله إن أمي افتلت ، وأظن لو تكلمت لتصدقت ، فهل لها من أجرٍ إن تصدقت عنها ، قال : نعم ‘ .
وأما العتق فإن تطوع به غير وارث لم يجز ، والفرق بين الصدقة والعتق أن الصدقة برٌّ محض لا يتعدى إلى غير الثواب ، والعتق تكسب ولاء يجري مجرى النسب ، لقول النبي ( ص ) ‘ الولاء لحمة كلحمة النسب ‘ وليس لأحدٍ إلحاق نفسه بغيره ، كذلك الولاء وإن كان المعتق وارثاً ، فإن تطوع به بعض الورثة لم يجز كالأجنبي ، لأن بعض الورثة لا يجوز أن يلحق بالميت نسباً ، وإن تطوع جميع الورثة ففي جوازه وجهان :
أحدهما : لا يجوز كما لو تطوع به بعضهم .
والوجه الثاني : يجوز كما يصح لحوق النسب بالميت إذا أقر به جميع الورثة ولا يصح إذا أقر به بعضهم .