الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص308
الثالث ، فأما ما تجزئه فهو أن ينوي عند دفعها فيجزئ ما لأن أغلظ أحوال النية أن يكون مع الفعل ، وأما ما لا يجزئ فهو أن ينوي قبل عزلها من ماله ، لأنها تجردت عن الفعل ، فكانت قصداً ولم تكن نية ، وأما المختلف فيه فهو أن ينوي عند عزلها من ماله وقبل دفعها ففي إجزائها وجهان :
أحدهما : تجزئ وإن لم تجزئ مثله في الصلاة ، وهو الظاهر من كلام الشافعي حتى يقدم النية قبلها ومعها ، لأن الاستنابة في دفعها يصح ، ولا يمكن المستنيب أن ينوي مع الدفع ، فأجزأته النية مع العزل ، وخالفت الصلاة التي لا تجوز الاستنابة فيها ، فلزم أن تكون النية مقارنة لأولها وجرت الضرورة مجرى الصيام الذي تجزئ النية فيه قبل دخوله للضرورة عند تعذرها مع دخوله .
والوجه الثاني : لا يجزئه لبقائها مع القود على ملكه فأشبه النية قبل عزله ، وتأول من قال بهذا الوجه قول الشافعي حتى يقدم النية قبلها ، أو معها بتأويلين :
أحدهما : أن ينوي قبلها إذا استصحب النية إلى دفعها .
والثاني : قبلها في الصيام ومعها في الكسوة .
قال الماوردي : وهو كما قال : إذا وجب عليه الكفارة فكفر عنه رجل بأمره فهو على ضربين :
أحدهما : أن يكون مال التكفير للآمر ، فيكون المأمور هاهنا وكيلاً للآمر في إخراج الكفارة ، وهذا متفق على جوازه لجواز النيابة في التكفير ، لأن مقصودها المال والعمل تبع ، فأجريت مجرى حقوق الأموال ، وتكون النية في إخراجها مستحقة ، لما تضمنها من العبادة ، وللآمر والمأمور فيها أربعة أحوالٍ :
أحدها : أن ينوي الآمر عند أمره وينوي المأمور عند دفعه ، فهذا أكمل أموال الجواز .
والثاني : أن لا ينوي واحد منها فلا يجزئ المخرج عتقاً كان أو إطعاماً لعدم الشرط المستحق في الإجزاء ولا يضمنه المأمور ويكون متطوعاً في الأمر .