الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص307
نفسها ، وسواء عينها أو أطلقها ؛ لأن عليه النية في الكفارة وليس عليه أن يعين عن أي كفارة كالوضوء يلزمه أن ينوي أنه عن الحدث ، ولا يلزمه عن أي حدث .
وقال أبو حنيفة : يلزمه تعيين النية عن أي كفارة ، كما يلزمه تعيين النية للصلاة من ظهر أو عصر ، فيقال له : لما لم يلزمه في قضاء الصلوات الفوائت أن يعين عن أي يوم لم يلزمه في الكفارات أن يعين عن أي حنث ، فلا يكون في إثباته التعيين في الأداء بأولى من نفيه للتعيين في القضاء ، فاستويا ثم ترجح ما ذكرنا باتفاقنا على أنه لو نسي صلاة لم يعرفها بعينها لم يجزه في قضائها أن ينوي قضاء ما وجب عليه ، لعدم التعيين ، ولو كانت عليه كفارة لا يعرف موجبها أجزأه أن ينوي بالتكفير ما وجب عليه فعلم أن تعيين النية في الصلاة واجب ، وتعيينها في الكفارة غير واجب .
فأما الفرق بين الطهارة والصلاة في تعيين النية في الصلاة دون الطهارة مع اشتراكهما في وجوب النية فمن وجهين :
أحدهما : ما حكاه أبو القاسم الأنماطي عن المزني قال : قلت للمزني : لم افتقرت الصلاة إلى تعيين النية ولم تفتقر الطهارة إلى تعيين النية ؟ فقال : لأن الصلاة تراد لنفسها ، والطهارة تراد لغيرها وهذا صحيح . وهكذا الكفارة تراد لغيرها ، وهو تكفير الحنث ، فلذلك لم يلزم فيها تعيين النية .
والفرق الثاني : قاله أبو علي بن أبي هريرة ، أن الطهارة بسبب متقدم ، وهو ما سبق من الحدث فلم يلزم تعيين النية له ، والصلاة لأمر مستقبل فجاز أن يلزم تعيين النية فيها ، وهذا صحيح وهكذا الكفارة بسبب متقدم ، وهو ما سبق من اليمين ؟ فلم يعتبر تعيين النية فيها .
فإن قيل : النية في الكفارة أغلظ منها في الطهارة لأنه لو نوى بطهارته أنها عن نومٍ فكانت عن بولٍ أجزأه ، ولو نوى بعتقه في الكفارة أنه عن ظهار فكان عن قتل لم يجزه فجاز أن تتغلظ الكفارة بتعيين النية ، وإن لم تتغلظ بها الطهارة .
قيل : إنما أجزأته الطهارة ولم تجزه الكفارة بمعنى آخر ، وهو أن الطهارة ترفع جميع الأحداث لأنها تتداخل ، فكذلك أجزأت في مخالفة التعيين ، والعتق لا يسقط جميع الكفارات ، لأنها لا تتداخل ، فلذلك لم تجز في مخالفة التعيين .
قال الماوردي : أما النية في دفع الزكاة والكفارة فواجبة على ما قدمناه في الزكاة ، لأن دفع المال يتنوع فرضاً وتطوعاً ، فافتقر الفرض إلى تمييزه بالنية ، وله في النية ثلاثة أحوالٍ ، تجزئه في إحداها ولا تجزئه في الآخر ، ومختلف في إجزائه في