الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص306
ولم يجزه الآخر سواء دفعه إليه في يوم واحد أو في يومين .
وقال أبو حنيفة رضي الله عنه : ‘ إذا دفع له حق مسكين في يوم واحد لم يجزه وإن دفع إليه في يومين أجزأه حتى قال : لو دفع إلى مسكين حق عشرة مساكين في عشرة أيام أجزأه وقام مقام عشرة مساكين فاعتبر عدد الإطعام ولم يعتبر عدد المساكين . والشافعي يعتبرهما معاً ، ويمنع أن يأخذ مسكين واحد من كفارة واحد مرتين ليستوفي العدد الذي أمره الله تعالى به كما يستوفيه في الوصايا لو أوصى بإطعام عشرة مساكين ؟ فكان في حقوق الله تعالى من الكفارات أولى ، وقد مضت هذه المسألة مع أبي حنيفة في كتاب الظهار .
قال الماوردي : قد جعل الله تعالى للمكفر عن يمينه الخيار في التكفير بأحد ثلاثة أشياء الطعام أو الكسوة أو العتق ، فبأيهما كفر أجزأه ، إذا استوفاه ولم يفرق ، فإن أطعم خمسة وكسا خمسة لم يجزه ، وكان مخيراً إن شاء تمم إطعام عشرة مساكين ، وكان متطوعاً بالكسوة ، وإن شاء تمم كسوة عشرة مساكين ، وكان متطوعاً بالإطعام ، وقال مالك : يجزئه أن يطعم خمسة ويكسو خمسة ، لأنه لما أجزأه إطعامهم وأجزأته كسوتهم أجزأه أن يجمع بين إطعامهم وكسوتهم .
وقال أبو حنيفة : إن أطعم خمسة وكسا خمسة ، وجعل كسوة الخمسة بقية إطعام الخمسة لم يجز ، وإن جعل إطعام الخمسة بقيمة كسوة الخمسة أجزأه فأجاز إخراج قيمة الكسوة طعاماً ولم يجز إخراج قيمة الطعام كسوة فلم يستمر في جواز القيمة على أصله ، ولا في المنع منها على أصلنا ، والدليل على أن الله تعالى خير المكفر بين ثلاثة ، من طعام أو كسرة أو عتق ، فلم يجز أن يجعل له خياراً رابعاً في التبعيض ، ولأنه لما امتنع في الكفارة تبعيض العتق والصيام امتنع فيها تبعيض الكسوة والإطعام .
قال الماوردي : وهو كما قال ، إذا كانت عليه ثلاثة كفارات عن ثلاث أيمان مختلفة كان في التكفير عنها بالخيار بين أن يكفر عنها من جنس واحدٍ فيطعم عن جميعها ويكسو عن جميعها ، أو يعتق عن جميعها ، وبين أن يكفر عنها من أجناس مختلفة فيطعم عن أحدها ، ويكسو عن أحدها ، ويعتق عن أحدها ، لأن لكل كفارة حكم