الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص305
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا أخطأ في دفع الزكاة والكفارة اعتبر حال المدفوع إليه ، فإن كان عبداً ظنه حراً أو كافراً ظنه مسلماً أو من ذوي القربى ظنه من غير ذوي القربى لم يجزه ما دفع ، وعليه الإعادة لأمرين :
أحدهما : أن حقوق الأموال إذا لم تقع موقع الإجزاء مع العمد لم تقع موقع الإجزاء الخطأ ، كرد الودائع إلى غير أهلها .
والثاني : أن لأسباب المنع من الرق والكفر والنسب علامات يستدل بها وأمارات لا تخفى معها ، فكان الخطأ من تقصير في الاجتهاد ، وإن بان أنه دفعها إلى غنيٍّ يظنه فقيراً ففي وجوب الإعادة قولان :
أحدهما : يعيد ولا يجزئه للتعليل الأول بأن الخطأ في حقوق الأموال كالعمد والقود .
والثاني : يجزئه ولا يعيد لعدم التعليل الثاني في فقد الأمارة الدالة على غناه ، لأن المال يمكن إخفاؤه والرق والكفر لا يمكن إخفاؤهما ، فكان بخطئه في الغني معذوراً وفي العبد والكافر مقصراً .
وإن دفع كفارته وزكاته إلى السلطان وأخطأ السلطان في دفعها إلى غير مستحقها نظر ، فإن بان أنه دفعها إلى غني أجزأ لخفاء حاله عليه ، وإن بان أنه دفعها إلى عبد أو كافر أو ذي قربى ففي وجوب ضمانها عليه قولان :
أحدهما : يضمنها ويعيدها ، كما يلزم رب المال أن يعيدها .
والقول الثاني : لا يضمنها وتقع موقع الإجزاء بخلاف رب المال لوقوع الفرق بينهما بأن مباشرة السلطان لعموم الأمور يقطع عن التفرد بالاجتهاد فيها ، ولا يقطع رب المال عن التوفر في الاجتهاد .
قال الماوردي : وهو كما قال ؛ لأن الله تعالى قد نص على عددهم في الكفارة فوجب أن يستحقها عشرة مساكين ، وإن دفع إلى مسكين واحد مدين أجزأه أحدهما ،