الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص304
من غيرهم لما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ خير الصدقة على ذي رحمٍ كاشحٍ ‘ وروي عنه ( ص ) أنه قال : ‘ لا يقبل الله صدقة امرئٍ وذو رحمٍ محتاجٍ ‘ وسواء كان يتطوع بالإنفاق عليهم أم لا .
وقال بعض الفقهاء : إن تطوع بالإنفاق عليهم لم يجزه ، وإن لم يتطوع أجزأه وهذا خطأ ، لأن للمتطوع أن يمتنع ، وفي دفع ذلك إليهم امتناعٌ بها من الإنفاق عليهم وأما الزوجات فلا يجوز للزوج أن يدفع كفارته إلى زوجته لوجوب نفقتها عليه ؟ فصارت غنية به ، وأما الزوجة فيجوز أن تدفع كفارتها إلى زوجها وكذلك زكاتها ومنع أبو حنيفة من دفعها إليه ، لأن نفقته عليها فصار عائداً إليها ، وهذا غير صحيح ، لأنه لا تجب عليها نفقته ، فصار باقياً على فقره فجرى على حكم الإيجاب ، وإنفاقه عليها لا يمنع من دفعها إليه كما لو دفعها إلى أجنبي وأطعمه إياها أو وهبها له وقد مضت هذه المسألة مستوفاة من قبل .
قال الماوردي : اعلم أن مصرف الكفارة فيمن يجوز أن يصرف إليه سهم الفقراء والمساكين من الزكاة ، وهو من جمع من الفقر والمسكنة ثلاثة أوصاف : الحرية ، والإسلام ، وأن لا يكون من ذوي القربى ، فأما العبد فلا يجوز دفعها إليه ، لأنه لا يملكها ولأنه غنيٌّ بسيده ، وكذلك المدبر وأم الولد ، والمعتق بعضه ؛ لأن سيد رقه يأخذ منها قدر حقه وهو غنيٌّ ، وكذلك المكاتب ، ولا يجوز صرف الكفارة إليه ، وجوز أبو حنيفة رضي الله عنه صرفها إليه كالزكاة ، وهذا فاسدٌ ، لأن حكم الزكاة أوسع لما يجوز من صرفها إلى الأغنياء من المجاهدين ، وأحد صنفي الغارمين ، والكفارة أضيق ، لأنه لا يجوز صرفها إلى غنيٍّ بحال ؛ ولأن المكاتب تجري عليه أحكام الرق .
وأما الكافر فلا يجوز دفع الكفارة إليه ، وكذلك الزكاة سواء كان ذمياً أو حربياً .
وقال أبو حنيفة : لا يجوز أن تصرف إليه زكاة المال ويجوز أن تصرف إليه الكفارة وزكاة الفطر ، إن كان ذمياً أو معاهداً ؛ ولأنه يجوز دفعها إليه إن كان حربياً .
ودليلنا هو أنه من لا يجوز دفع زكاة المال إليه لم يجز أن يدفع إليه الكفارة ، وزكاة الفطر ، كالحربى ولأنه حق يخرج للطهرة فلم يجز صرفه لأهل الذمة كزكاة المال وأما ذوو قربى رسول الله ( ص ) فلا يجوز أن تصرف إليهم الزكوات ولا الكفارات ، وإن جوزه أبو حنيفة فيما قدمناه ، واستوفيناه والله أعلم .