الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص303
عدلوا عنه إلى ما هو أدنى لم يجزهم وإن عدلوا عنه إلى ما هو أعلى كان على ما ذكرنا من الوجهين والله أعلم .
قال الماوردي : وهو كما قال . كل من يلزمه الإنفاق عليه بنسب كالوالدين والمولودين ، أو بسبب كالزوجات لا يجوز أن يدفع إليهم من كفارته ولا من زكاة ماله ومن لا يلزمه الإنفاق عليهم جاز أن يعطيهم من كفارته وزكاته إذا كانوا فقراء فهذا أصلٌ معتبر ، وإنما لم يجز أن يدفعها إلى من تلزمه نفقته لأمرين :
أحدهما : أنهم قد صاروا كالأغنياء .
والثاني : أنها تصير كالعائدة إليه لما يسقط من نفقتهم عنه ، وإذا كان كذلك فمتى كان الولد صغيراً فقيراً لم يجز دفع كفارته إليه لوجوب نفقته عليه ، وإن كان كبيراً ناقصاً بزمانة أو جنون لم يجز دفعها إليه ، لوجوب نفقته عليه ، كالصغير ، وإن كان كامل الصحة والعقل لم تجب نفقته عليه فجاز دفع كفارته إليه ، وفيه من الخلاف ما سنذكره وكذلك أولاد أولادهم وإن سفلوا ، وأما الوالد فإن تعطل عن الاكتساب بزمانة أو جنون وجبت نفقته عليه ، فلم يجز دفع كفارته إليه وإن كان من أهل الاكتساب بالصحة والعقل لكنه فقير ففي وجوب نفقته عليه قولان :
أحدهما : وهو القديم يجب اعتباراً بوجود الفقر ، فعلى هذا لا يجوز دفع كفارته إليه .
والثاني : وهو الجديد لا تجب اعتباراً بالقدرة على الكسب ، فعلى هذا يجوز دفع كفارته إليه .
فإن قيل : بأن الوالد لا تجب نفقته إلا بالفقر والزمانة على قوله في الجديد فالولد أولى ، وإن قيل : إنها تجب بالفقر وحده على قوله في القديم ففي الولد وجهان :
أحدهما : أنه كالوالد تجب نفقته بالفقر وحده .
والثاني : أنها تجب بالفقر وعدم الاكتساب ، بخلاف الوالد ، لتأكيد نفقة الوالد كما تتأكد بوجوب إعقاف الولد دون الولد ، وهكذا الأم كالأب والأجداد كالأب ، والجدات كالأم ، وأما من عداهم من المناسبين كالإخوة والأخوات والأعمام والعمات ، فلا تجب نفقاتهم بحال ، ويجوز دفع كفارته وزكاته إليهم ، وهم أحق بها