الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص302
الكفارة ولا في زكاة الفطر ، وإن لم يكن لهم قوت غير الأقط فقد روي عن أبي سعيد الخدري أنه قال : كنا نخرج إذ فينا رسول الله ( ص ) صاعاً من أقطٍ ، فإن صح هذا أنه كان يأمر رسول الله ( ص ) أو بعلمه وإقراره عليه جاز إخراج الأقط في زكاة الفطر والكفارات ، وإن لم يصح أنه كان بأمره أو بعلمه ، ففي جواز إخراجه في زكاة الفطرة والكفارات قولان :
أحدهما : يجوز على ما نص عليه هاهنا في الكفارات لأنه قوت مدخر تحت الزكاة في أصله .
والقول الثاني : لا يجوز على ما نص عليه في زكاة الفطر ، لأنه مما لا تجب فيه الزكاة فلم يجز إخراجه في الكفارة الزكاة ، وقد جعل أبو علي بن أبي هريرة هذين القولين بناء على اختلاف قول الشافعي في قول الصحابي إذا لم يعضده قياس ، هل يؤخذ بقول الصحابي أو يعدل إلى القياس ، فعلى قوله في القديم يؤخذ بقول الصحابي فعلى هذا يجوز إخراج الأقط في الكفارة ، وزكاة الفطر ، أخذاً بقول أبي سعيد الخدري ، وعلى قوله في الجديد يعدل عنه إلى القياس فعلى هذا لا يجوز إخراج الأقط .
قال الماوردي : إذا اقتات قوم ما لا يزكى من الأقوات ، مثل أن يقتاتوا اللحم كالترك ، أو اللبن كالأعراب ، أو السمك كسكان البحار ، فإن قيل : إن إخراج الأقط لا يجزئ لم يجز إخراج غيره من اللحم أو اللبن أو السمك ، وإن قيل : إنه يجزئ ففيها وجهان :
أحدهما : يجزئ ، لأنها أقوات كالأقط .
والثاني : أنها لا تجزئ بخلاف الأقط ، للفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : وجود الأثر في الأقط ، وعدمه في سواء .
والثاني : أن الأقط يبقى ويدخر ، وليس يبقى ما سواه ويدخر ولا يكال ، وهذا قول أبي علي بن أبي هريرة ، وإذا لم يجزهم إخراج ذلك عدلوا في كفاراتهم وزكاة فطرهم إلى أقوات غيرهم من أهل البلاد ، وفيها قولان :
أحدهما : يكونون مخيرين بين جميعها .
والقول الثاني : يعدلون إلى الأغلب من قوت أقرب البلاد بهم فيخرجونه ، فإن