الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص299
قال الماوردي : اعلم أن الكفارات تنقسم ثلاثة أقسام :
قسم وجب على الترتيب في جميعه .
وقسم وجب على التخيير في بعضه والترتيب في بعضه ، فأما ما كان بوجوبه على الترتيب في جميعه فكفارة الظهار والقتل والوطء في شهر رمضان ، يبدأ بالعتق فإن لم يجده فالصيام ، فإن عجز عنه فالإطعام ، وأما ما كان وجوبه على التخيير فكفارة الأذى ، وهو مخير بين دم شاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيامٍ ، وجزاء الصيد هو مخير بين مثله من النعم أو قيمة المثل طعاماً أو عدل ذلك صياماً ، وأما ما كان وجوبه على التخيير في بعضه ، والترتيب في بعضه فكفارة اليمين ، قال الله تعالى : ( فَكَفَّارَتُهُ إَطْعَامُ عَشْرَةِ مَسَاكِينَ ) ( المائدة : 89 ) الآية ، فجعله مخيراً بين هذه الثلاثة ، ثم قال : فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ، فجعل الصيام مرتباً على العجز بعد المال ، فبدأ الشافعي بالإطعام ، لأن الله تعالى بدأ به لقوله : ( فَكَفَّارَتُهُ إَطْعَامُ عَشْرَةِ مَسَاكِينَ ) ( المائدة : 89 ) فنص على عدد المساكين أنهم عشرة فلا يجوز الاقتصار على أقل منهم لمخالفة النص وقال في طعام كل مسكين احتمالاً لا يقدره بحد فقال : ‘ من أوسط ما تطعمون أهليكم ‘ فاختلف العلماء في قدر ما يطعم كل مسكين منهم على مذاهب شتى .
أحدها : ما حكاه الحارث عن علي بن أبي طالب وقاله محمد بن كعب القرظي ، والحسن البصري : إنه غداء وعشاء لكل مسكين .
والثاني : ما قاله ابن عباس وسعيد بن جبير أن يعتبر المكفر في عياله فإن كان يشبعهم أشبع المساكين ، وإن كان لا يشبعهم فيقدر ذلك في طعام المساكين .