الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص291
ويجوز تعجيل الكفارة قبل الحنث إذا كانت بمالٍ من كسوة أو إطعامٍ أو عتق ، فلا يجوز تعجيلها إذا كانت بصيام .
وقال أحمد بن حنبل : يجوز تعجيلها قبل الحنث بمال أو صيام .
فأما مالك فهو موافق في تعجيل الكفارة مخالف في تعجيل الزكاة ، وقد مضى الكلام في موضعه .
وأما أبو حنيفة فقد مضى الكلام معه في تعجيل الزكاة ، ويتعين الكلام معه هاهنا في تعجيل الكفارة قبل الحنث . وله في الاستدلال طريقان :
أحدهما : المنع من تعجيل الكفارة قبل الحنث .
والثاني : أن الكفارة تجب بالحنث وحده دون اليمين ، واستدل على المنع من تعجيلها بما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خيرٌ ثم ليكفر عن يمينه ‘ فكان له من الخير دليلان :
أحدهما : قوله : ‘ فليأت الذي هو خيرٌ منها ‘ فقدم فعل الحنث على الكفارة عرق الفاء الموجب للتعقيب .
والثاني : قوله : ‘ ثم ليكفر عن يمينه ‘ وثم موضع للتعقيب والتراخي .
ومن القياس أن يكفر قبل الحنث فلم يحرم كالصيام .
ولأن كل حال لا يجوز التكفير فيها بالصيام لم يجز التكفير فيها بالمال قياساً على ما قبل اليمين ، واستدل على وجوب الكفارة بالحنث وحده دون اليمين بأمرين :
أحدهما : أن الحنث ضد اليمين ، لأن اليمين تمنع من الحنث ، والضدان لا يشتركان في معنى الوجوب لتنافيهما .
والثاني : أن الحنث لو كان أحد السببين في الوجوب لما روعي بعد عقد اليمين إحداث فعل من جهة ، كما لا يراعى في الحول بعد النصاب إحداث فعل من جهته ، ولما روعي في الكفارة حدوث فعل الحنث من جهته دل على أن فعل الحنث هو الموجب للكفارة كما نقول : إن الظهار وإن لم يكن إلا بعد عقد النكاح لما كان بفعل حادث منه ، كان الظهار هو الموجب للكفارة ، دون النكاح .
والدليل على جواز تعجيل الكفارة قبل الحنث ما رواه مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي ( ص ) قال : ‘ من حلف على يمينٍ فرأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه ، وليأت الذي هو خيرٌ ‘ .
وروى قتادة عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة قال : قال رسول الله ( ص ) : ‘ يا