پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص286

أحدهما : يحنث بالشك في مشيئة زيد إثباتاً لعقد اليمين في المسألتين لأن الشك في صحة الاستثناء يوجب سقوط حكمه .

والقول الثاني : لا يحنث بالشك في مشيئة زيد إثباتاً لصحة الاستثناء في المسألتين ، لأن الشك في كفارة الحنث توجب سقوطها استصحاباً لبراءة الذمة فهذا أحد وجهي أصحابنا .

والوجه الثاني : وقد حكاه أبو إسحاق المروزي ، وأبو علي بن أبي هريرة ليس اختلاف الجوابين على اختلاف قولين ، وإنما هو على اختلاف حالين ، فحنثه الشافعي في المسألة الأولى إذا فات أن يستدرك مشيئة زيد بموته ولم يحنث في المسألة الثانية إذا أمكن استدراكها بغيبته حياً ، والتوصل إلى العلم بها ، والله أعلم .

( فصل : )

فأما المزني فإنه لما نقل في مسألة الكتاب أنه يحنث بالشك بالمشيئة قال : قد قال خلافه في باب جامع الأيمان ، والذي أشار إليه المزني في باب جامع الأيمان ليست المسألة التي حكاها الربيع في كتاب الأم ، وإنما أراد ما قاله الشافعي إذا حلف ليضرب عبده مائة ، فضربه بضغثٍ يجمع مائة شمراخ كما قال الله تعالى لأيوب حين حلف ليضرب امرأته مائة : ( وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلاَ تَحْنَثْ ) فإذا ضرب عبده بمائة شمراخ مجموعة ، فإن أحاط علمه بوصول جميعها إلى بدنه بر ، وإن أحاط عليه بأنه لم يصل جميعها إلى بدنه حنث ، وإن شك في وصول جميعها إلى بدنه لم يحنث ولم نجعله بالشك في وصول الضرب حانثاً ، فعبث إلى المزني الجواب في مسألة الضرب على ما حكيت ، وفي مسألة المشيئة على ما ذكرنا وقد يقع الفرق بين الشك فيها ، فلا يحنث بالشك في وصول الضرب ويحنث بالشك في وجود المشيئة ، وإن كان الفرق ضعيفاً ، هو أن الفعل في وصول الضرب قد وجد فغلب حكم الظاهر في وصوله : وليس لوجود المشيئة فعل يعلم على ظاهره ، فغلب حكم سقوطها . والله أعلم بالصواب .

( مسألة : )

قال الشافعي رحمه الله : ‘ ولو قال في يمينه لا أفعل كذا إن شاء فلان ففعل ولم يعرف شاء أو لم يشأ لم يحنث ‘ .

قال الماوردي : وصورتها أن يقول الحالف : والله لأدخلن الدار في يومي هذا إن شاء زيد ، فمشيئة زيدٍ هنا شرطٌ في انعقاد اليمين وليس بشرط في استثنائها ورفعها ، فوجب أن تكون المشيئة موافقة لعقد اليمين فيشاء أن لا يدخلها ، بخلاف المشيئة ، وفي الاستثناء الذي يتضمن ضد ما انعقدت عليه اليمين ، فإن كان كذلك لم يخل أن