پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص285

ويثبت النفي ، واليمين ثابتة ، فكان استثناؤها نفياً ، فلو قال : أردت أن تكون مشيئة زيد شرطاً في إثبات اليمين لم يعمل على إرادته ، لأنها تحيل حقيقة لفظه بما لا يحتمله ؛ لأن قوله : إلا أن يشاء زيد ضد قوله : إن شاء زيدٌ ، فلا يجوز أن يعلق على اللفظ حكم هذه ، وخالف صفة المشيئة إذا أراد خلاف إطلاقها لاحتماله ، فإذا تقررت صورة المسألة ، وحكم الاستثناء فيها بمشيئة زيد الرافع لعقد اليمين فلا يخلو حال الحالف من أن يوجد فيه البر أو لا يوجد ، فإن كان البر منه موجودا بدخول الدار في يومه فلا حنث عليه سواء وجدت مشيئة زيد أو لم توجد ، لكن يكون دخوله بعد مشيئة زيد دخولاً بعد ارتفاع اليمين ، فلا يتعلق به بر ولا حنث ، ودخوله مع عدم المشيئة دخولاً يوجب البر في يمينه وإن لم يدخل الحالف الدار في يومه فقد عدم الفعل الذي يتعلق به البر ، فتراعى حينئذ مشيئة زيد ، هل ارتفعت اليمين بمشيئته ، أو كانت على انعقادها لعدم مشيئته ، ولا يخلو حال زيد فيها من ثلاثة أقسام :

أحدها : أن يعلم أنه قد شاء ، فاليمين قد ارتفعت بمشيئته ، فلم يحنث الحالف بترك الدخول ، لارتفاع اليمين .

والقسم الثاني : أن يعلم أن زيداً لم يشأ فاليمين منعقدة لعدم الشرط في رفعها ، والدخول شرط في البر فيكون الحالف حانثاً ، بترك الدخول لإخلافه بشرط البر .

والقسم الثالث : أن تخفى مشيئة زيد ، فلم يعلم هل شاء أو لم يشأ ، فقد نص الشافعي في هذه المسألة على أن الحالف يحنث بشرط الدخول ، فجعل الشك في المشيئة موجباً لسقوطها ، وجعل اليمين على انعقادها فأوقع الحنث فيها ، ونقل الربيع في كتاب الأم عن الشافعي في مسألة أخرى ضد هذا الجواب مع وجوب اشتراكهما فيه ، وهو إذا قال الحالف : والله لا دخلت هذه الدار في يومي هذا إلا أن يشاء زيد فدخلها في يومه ، ولم يعلم مشيئة زيد لم يحنث وهما في حكم المشيئة سواء ، وإن اختلفا في الصورة ، لأن اليمين في المسألة الأولى معقودة على دخول الدار ، وفي المسألة الثانية معقودة على ترك دخولها ، ومشيئة زيد في المسألتين جميعاً رافعة لعقد اليمين ، وقد جعل الشك في مشيئة زيد رافعاً لليمين في المسألة الثانية ، ولم يجعل الشك فيها رافعاً لليمين في المسألة الأولى . ولولا أن الربيع علل جواب المسألة الثانية أنه لا يحنث لجواز أن يكون زيد قد شاء فلا يحنث بالشك ، فجاز أن ينسب الربيع إلى الوهم ، أو ينسب الكاتب إلى الغلط ، فاختلف أصحابنا في اختلاف هذين الجوابين مع اتفاقهم على استواء البر والحنث في المسألتين . على وجهين :

أحدهما : أن خرجوا جواب كل واحدة من المسألتين إلى الأخرى وحملوهما على قولين :