الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص280
يحتمل أن يكون ما أوجبه من فروض أن تؤدي إليه ، ويحتمل أن يريد به ما أخذه الله من الذرية في ظهور الآباء من الاعتراف به في قوله تعالى : ( وِإذْ أخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ، وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ) ( الأعراف : 72 ) . ويحتمل أن يريد بها اليمن ؟ فلما كان هنا يحتمل وجوهاً وجب أن يرجع فيه إلى نيته وإرادته ، فإن أراد يميناً كانت يميناً ، وإن أراد غير اليمين لم تكن يميناً ، وإن لم تكن له إرادة وأطلق ، ففي إطلاقه وجهان :
أحدهما : أن إطلاقه يخرجه عن اليمين لأنه لم يقترن به عرف شرع ، وتكون غير يمين في حالتين ، ويميناً في حالة واحدة .
والوجه الثاني : أن إطلاقه يوجب أن تكون يميناً ؛ لأن عرف الاستعمال في الخاصة والعامة قد صار جارياً ومحمولاً بينهم على زيادة التغليظ ، كما يزيد في تغليظ الأيمان بالله الطالب الغالب وهذا قول أبي إسحاق المروزي ، فتكون يميناً في حالتين ، غير يمين في حالة واحدة ، وإذا صار عهد الله وميثاقه يميناً ، وقد جمع بينهما وحنث لزمته كفارة واحدة .
وقال مالك : تلزمه كفارتان لوجوبها بكل واحدٍ منهما ، فتضاعفت باجتماعهما ، وهذا ليس بصحيح ، لأنها يمين واحدة زادها تغليظاً ، فلم تجب بها إلا كفارة واحدة كقوله : والله الطالب الغالب ، والله أعلم بالصواب .