الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص278
والثانية : ما علل به أبو إسحاق المروزي أنها ما كانت جارية في عرف الخاصة والعامة ، والشهادة بما لا تعرفها العامة في الأيمان فزال عنها حكم اليمين .
فأما استدلال أبي حنيفة بعرف الشرع ، فقد قابله في حمله على شهادة الأيمان بالله عرف شرعي ، فلم يكن أحد العرفين أولى من الآخر ، فتعارضا ، ورجع إلى إرادته ، ولا يخلو حاله في قوله : أشهد بالله من ثلاثة أحوال :
أحدهما : أن يريد بها غير يمين ، فلا تكون يميناً ، وهو الذي خالف فيه أبو حنيفة .
والحال الثانية : أن يريد بها اليمين ، فتكون يميناً بوفاق أبي حنيفة ، لما وافقها من أحد العرفين .
والحال الثالثة : أن يطلق ولا تكون له فيها نية ، فقد اختلف أصحابنا في هذا الإطلاق على وجهين :
أحدهما : أن إطلاقها يوجب أن تكون يميناً لموافقة العرف الشرعي ، ويكون جواب الشافعي في أنها ليست بيمين محمولاً على أنه لم يرد بها اليمين .
والوجه الثاني : أن إطلاقها يمنع من أن تكون يميناً لمخالفة عرف الاستعمال ، ويكون جواب الشافعي في أنها ليست بيمين محمولاً على هذا الإطلاق .
قال الماوردي : وهذا كما قال ؛ لأن قوله : أعزم بالله يحتمل الاستعانة بقوله ، ومعونته على مقاصده تسليماً لأمره ، وهو الأظهر ، وإن احتمل أن يريد عزماً على اليمين بإضمار القسم ، ولترددها بين احتمالين ، أظهرهما أن تكون غير يمين ، وأضعفهما أن تكون يميناً ، لم يجعلها يميناً إذا نوى غير اليمين ، ولا إذا أطلقها ، لأنه لم يقترن بإطلاقها عرف الشرع ولا عرف الاستعمال ، وجعلناها يميناً إذا نواها لما يحتملها من حكم اليمين فتصير يميناً في حالة واحدة وغير يمين في حالتين وجهاً واحداً ، بخلاف الشهادة حيث احتملت في الإطلاق ، ولما اقترن بها من عرف الشرع .
قال الماوردي : أما قوله لغيره : أسألك بالله ، أو أقسم عليك بالله لتفعلن كذا . فله فيه أربعة أحوال :