الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص277
ذلك إلا بالإرادة والنية ، كما أن العربيّ إذا حلف بالأعجمية تكون يميناً إذ عرفها ، ولا تكون يميناً إن لم يعرفها ، وكذا الأعجمي إذا حلف بالعربية .
والوجه الثالث : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنها تكون يميناً في التغليظ عليه ، ولا تكون يميناً في التخفيف عنه ، فلا يجعلها يميناً في القسامة ؛ لأنه يثبت بها لنفسه حقاً ، ويجعلها يميناً في الإيلاء ؟ لأنه يثبت بها على نفسه حقاً .
قال الماوردي : إذا حذف من اسم الله حرف القسم ، فقال : الله لأفعلن كذا ، لم يكن يميناً ، لأنه يحذف حروف القسم الموضوعة لليمين يصير ابتداء كلام ، واستفتاح خطاب يخرج عن عرف الأيمان في الاستعمال والشرع .
فإن قيل : فقد ورد به عرف الشرع ، فقد أحلف رسول الله ( ص ) ركانة بن عبد يزيد حين طلق امرأته البتة ، وذكر أنه أراد واحدة فقال : ‘ الله إنك أردت واحدةً ‘ ؟ فقال : الله إني أردت واحدة ، وأحلف ابن مسعود حين أخبره أنه قتل أبا جهلٍ ، فقال : ‘ الله إنك قتلته ‘ ، فقال : الله إني قتلته .
فالجواب عنه أن النبي ( ص ) قصد اليمين ، بإحلافهما والنية عندنا في الأيمان نية المستحلف دون الحالف ، ولو كان الحالف نوى اليمين ، وأرادها مع حذف حرف القسم كانت يميناً لما ذكرناه من إحلاف ركانة وابن مسعود ، فتصير غير يمين في حالتين إذا لم يرد وإذا أطلق ، ويميناً في حالة واحدة إذا أراد .
قال الماوردي : وهو كما قال : وحكي عن أبي حنيفة أنه إذا قال : أشهد بالله ، أو قال : أشهد أنها يمين لما اقترن بها من عرف الشرع في قول الله تعالى : ( فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللهِ ) ( النور : 6 ) وقال : ( إِذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ ) ( المنافقون : 1 ) وإذا اقترن بها أحد العرفين صارت يميناً ، ولا تكون الشهادة بالله عند الشافعي يميناً قاطعة ، لعلتين :
إحداهما : ما علل به الشافعي أنها تحتمل أشهد بأمر الله على وجه الشهادة بالأيمان بالله ، فخرجت عن حكم ما لا يحتمل .